في إطار سياساتها المتضاربة، تسعى تركيا، العضوة في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، لتقوية علاقاتها مع دول معادية لأميركا، تعتبرها إدارة الرئيس دونالد ترامب بمثابة "مثلث الطغيان".
وأصبحت تركيا من الجهات الفاعلة في أميركا اللاتينية، حيث تتعامل مع الأنظمة الاستبدادية في المنطقة مثل فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا، وهي الدول التي تثير قلق الولايات المتحدة، حليفة أنقرة في "الناتو"، والتي تطلق عليها إدارة ترامب اسم "مثلث الطغيان".
وجاءت تعاملات أنقرة مع تلك الدول، في الوقت الذي تنوي فيه إدارة ترامب إحياء مبدأ مونرو 1823، وهو عبارة عن سياسة أميركية تثني عن التدخل الدولي في أميركا اللاتينية من جانب أي دول أخرى، ويعتبر على نطاق واسع في المنطقة، مبررا للتدخل الأميركي المسلح.
وفي حين أن هذه الأنظمة الاستبدادية ترحب بوجود تركيا ونفوذها، تواجه الولايات المتحدة صعوبة في فهم السبب الذي يدفع حليفا من حلفاء الناتو إلى التقرب من دول معادية لواشنطن.
ولعل أحد العوامل التي تكمن وراء ذلك، تتمثل في علاقة تركيا المتنامية مع روسيا، وتزايد التأثير الروسي على صناع القرار الأتراك، فبعد عقود طويلة من العلاقات الودية المحدودة، قررت تركيا تطوير علاقاتها مع الحلفاء الاستراتيجيين الرئيسيين لموسكو في أميركا اللاتينية، حسب ما ذكر تقرير خاص بموقع "أحوال" التركي.
أما العامل الآخر، فهو رغبة تركيا في تأكيد استقلاليتها عن النفوذ الأميركي، في الوقت الذي ثارت فيه خلافات بين الحكومة التركية والولايات المتحدة حول مجموعة من القضايا، أهمها شراء أنقرة لمنظومة الدفاع الروسية "إس400"، والدعم الأميركي للقوات الكردية في سوريا.
وبناء على ذلك، أقحمت الحكومة التركية نفسها في الأزمة السياسية بفنزويلا، التي يخوض فيها الرئيس نيكولاس مادورو صراعا مريرا على السلطة مع المعارضة منذ شهر يناير الماضي.
وتدعم الولايات المتحدة زعيم المعارضة الذي أعلن نفسه رئيسا لفنزويلا، خوان غوايدو، في مواجهة مادورو، الذي تدعمه روسيا وإيران وحلفاؤه في أميركا اللاتينية.
وبالرغم من أن تركيا لم تقم قط علاقات قوية مع فنزويلا، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أصبح داعما قويا لمادورو، إذ تقول وزارة الخزانة الأميركية إن فنزويلا بدأت العام الماضي في إرسال الذهب إلى تركيا كي يتم غسل العوائد واستخدامها في استيراد المواد الغذائية التركية إلى فنزويلا، وإثراء "شبكة فساد واسعة" تُمكن مادورو ونظامه من التربح من واردات الأغذية وتوزيعها.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت في الأيام الأخيرة عقوبات على شركة فنزويلية تتخذ من تركيا مقرا لها، لصلتها بما تقول إنها "صفقات تنطوي على ممارسات احتيالية أو فساد".
ولا يقتصر اهتمام تركيا بتطوير العلاقات مع الحكومات المناوئة للولايات المتحدة على فنزويلا فحسب، ففي الآونة الأخيرة، استضافت أنقرة الرئيس البوليفي إيفو موراليس، ووزير خارجية نيكاراغوا.
كما قام وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بزيارة كوبا في شهر مايو، حيث ندد هناك بالعقوبات الأميركية المفروضة على كوبا، وتعهد بتطوير العلاقات الثنائية.