أظهرت واشنطن تناقضا واضحا بشأن مصير "داعش" في سوريا، فبينما قالت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) إن التنظيم يفقد آخر معاقله، أكدت الاستخبارات أن "آلاف" العناصر المنتمية لـ"داعش" لا تزال تشكل تهديدا كبيرا، في تصريحين متضاربين صدرا بيوم واحد.
وقال القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي باتريك شاناهان، الثلاثاء، إنه من المتوقع أن يفقد تنظيم "داعش" آخر أراض يسيطر عليها في سوريا لصالح قوات تدعمها الولايات المتحدة "خلال أسبوعين".
وتستعد قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكرادو المدعومة بألفي جندي أميركي ومساندة جوية، لشن معركة نهائية ضد داعش في شرقي سوريا، بعد أن ساعدت في طرد مقاتليه من بلدات ومدن كانت ذات يوم تشكل دولة الخلافة المزعومة التي أعلنها التنظيم الإرهابي.
وقالت قوات سوريا الديمقراطية، الثلاثاء، إن مقاتلي التنظيم في شرق سوريا محاصرون في آخر جيب صغير مع زوجاتهم وأبنائهم، مما أرغمها على الإبطاء من تقدمها لحماية المدنيين.
وقال شاناهان للصحفيين في البنتاغون: "أود أن أقول إن 99.5 بالمئة من الأراضي التي كان تنظيم داعش يسيطر عليها أعيدت إلى السوريين. وسيصبح ذلك 100 بالمئة في غضون أسبوعين".
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ديسمبر الماضي هزيمة "داعش" والانسحاب المفاجئ للقوات الأميركية من سوريا، رغم اعتراضات كبار مستشاريه ومن بينهم وزير الدفاع جيم ماتيس، الذي استقال احتجاجا على ذلك.
ووسط المعارضة الكبيرة داخل أوساط صناعة القرار الأميركية لخطوة الانسحاب من سوريا، أكد مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية دان كوتس، الثلاثاء أن "داعش" لا يزال يمتلك آلاف المقاتلين، مما يجعله قادرا على تشكيل تهديد قوي في منطقة الشرق الأوسط وغيرها.
وقال كوتس في تقرير جديد للكونغرس حول التهديدات الرئيسية التي تواجهها الولايات المتحدة: "لا يزال داعش يمتلك آلاف المقاتلين في العراق وسوريا، كما أن له 8 فروع وأكثر من 12 شبكة والآف المناصرين المنتشرين حول العالم رغم خسائره الجسيمة في القيادات والأراضي".
وتشكل شهادة كوتس أبرز علامة على التضارب الأميركي بشأن الانسحاب من سوريا، وهو ما يعزز من اتجاه إبطاء عملية الانسحاب للتأكد من تحقيق الحملة الأميركية ضد "داعش" أهدافها.
ويقول منتقدون إن انسحاب القوات الأميركية قد يسمح لتنظيم داعش بإعادة تجميع صفوفه كما قد يسمح لتركيا بشن هجوم على وحدات حماية الشعب الكردية، المشاركة في تحالف قوات سوريا الديمقراطية، والتي ترى أنقرة أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمردا مسلحا في الأراضي التركية.
وتوعدت قوات سوريا الديمقراطية بتصعيد عملياتها ضد تنظيم داعش هذا الشهر بعد أن أدى هجوم بالقنابل إلى قتل عدة أشخاص من بينهم جنديان أميركيان شمالي سوريا.
وزاد التحالف الذي تقوده واشنطن ويحارب داعش من حالة الارتباك المحيطة بالانسحاب الأمريكي من سوريا بقوله إنه بدأ في عملية الانسحاب، لكن مسؤولين أوضحوا فيما بعد أنه يجري فقط سحب المعدات.