كشف موقع "نورديك مونيتور"، الخميس، أن حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جندت جيشا إلكترونيا للترويج لوسم "كلنا مادورو" #WeAreMADURO.
وأشار الموقع في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في تويتر، إلى أن الوسم الذي انتشر على موقع التواصل الاجتماعي، يقف وراءه جيش إلكتروني يعمل بأوامر أردوغان، الذي أعلن دعمه للرئيس نيكولاس مادورو.
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، قد قال الخميس على تويتر: "اتصل رئيسنا وعبر عن مساندة تركيا للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وقال: أخي مادورو! انهض، نحن بجانبك"، وفق ما ذكرت وكالة رويترز.
وقال أردوغان: "كبلد يؤمن بالديمقراطية، وكرئيس يؤمن بالديمقراطية، أينما تحدث محاولة انقلاب في أي مكان بالعالم، فنحن نقف ضدها بدون تمييز"، مضيفا: "ينبغي على الجميع احترام نتيجة صناديق الاقتراع".
وجهان لعملة واحدة
ويجمع الرئيسان مادورو وأردوغان العديد من القواسم المشتركة، فسياسات كلا الزعيمين اعتمدت مفهوم "القائد الأوحد"، حيث وصل تعلق مادورو بالسلطة منذ توليه الحكم في أبريل 2013 خلفا لتشافير، حدا غير مسبوق سنة 2017، عندما أعلن عن تشكيل جمعية تأسيسية جديدة منحته سلطات "مطلقة".
ومن المصادفة الغريبة، أن ذات السنة شهدت تركيا استفتاء مثيرا للجدل، حصل بموجبه أردوغان على صلاحيات غير مسبوقة.
واقتصاديا، شهدت فنزويلا أزمات متلاحقة في ظل حكم مادورو، شملت نقصا كبيرا في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية، فضلا عن الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي وتدني مستوى الخدمات في البلاد.
وانهارت العملة الفنزويلية على نحو كبير، مما قاد إلى انتشار الفقر وبلوغ التضخم مستويات غير مسبوقة، بلغت 80 ألف في المئة، حسب تقرير لموقع "فوربس".
وأصبح العجز المالي يشكل نحو 20 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي، في حين بلغ الدين الخارجي 150 مليار دولار، بحسب "فرانس برس".
وأدت اتهامات الفساد التي لاحقت مادورو إلى إحجام المستثمرين الأجانب عن ضخ رؤوس الأموال في اقتصاد البلاد، ومنها القضية المتعلقة بشركة الإنشاءات البرازيلية "أوديربريشت".
كما أعلنت المدعية العامة السابقة، لويزا أورتيغا، التي أصبحت واحدة من أشد منتقدي مادورو، امتلاكها أدلة على تورطه.
وكانت الشركة قد اعترفت بدفع مئات الملايين من الدولارات كرشى للفوز بعقود في 12 بلدا منها فنزويلا، وهي فضيحة هائلة كان لها وقع على الطبقة السياسية في أميركا اللاتينية كلها، لكنه لم تظهر أسماء أي من المتورطين في فنزويلا.
أما تركيا في ظل حكم أردوغان، فقد شهد اقتصادها العام الماضي ركودا لافتا، بالتزامن مع غلاء في الأسعار وارتفاعات غير مسبوقة في معدلات البطالة.
وأكد تقرير لصندوق النقد الدولي، أن نمو الاقتصاد التركي قد ينخفض إلى 0.4 في المئة خلال 2019، من 3.5 في المئة هذا العام، مضيفا أنه "سيكون لليرة الضعيفة وارتفاع تكاليف الاقتراض انعكاسا على الاستثمار والاستهلاك".
وشهد يوم العاشر من أغسطس الماضي، ذروة هبوط الليرة هذا العام، إذ هوت العملة بنحو 18 في المائة أثناء التعاملات، في حين خسرت منذ بداية العام الجاري ما يقارب 40 في المئة من قيمتها.
من جانبها، قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني إنها تتوقع ألا تحقق تركيا المستويات المستهدفة في خطتها للترسيخ المالي في العامين 2018 و2019، مؤكدة أن النظرة المستقبلية للاقتصاد التركي سلبية، مع إبقاء التصنيف الائتماني عند (BB).
وبلغ عجز الميزانية في العام الماضي 14.8 مليار دولار، فيما وصلت معدلات البطالة وفق مركز الإحصاءات التركي إلى 11.6 في المئة مع نهاية أكتوبر المنصرم.
سجل أسود في قمع الحريات
ومن أوجه التشابه بين أردوغان ومادورو، اتباع نهج ترسيخ الديكتاتورية وقمع الحريات، إذ تمكن الرئيس الفنزويلي من الالتفاف على مطالب تنظيم انتخابات رئاسية، ودعا إلى انتخابات لتشكيل "جمعية تأسيسية" من 545 عضوا، تحل مكان البرلمان الفنزويلي الذي تسيطر عليه المعارضة منذ انتخابات 2015، وذلك لتمرير مشروع قرار تعديل الدستور.
وقاطعت أحزاب المعارضة التصويت الذي وصفته بأنه اقتراع مزور، كما أعلنت عن رفضها لنتائج الانتخابات معتبرة أنها "تزوير دستوري وأكبر خطأ تاريخي يمكن أن يرتكبه مادورو"، ودعت إلى استمرار الاحتجاجات ضد إنشاء الجمعية التأسيسية.
وبحسب تقارير، فقد عمد مادورو إلى زرع حلفاء مؤيدين في محاكم البلاد، كما أقرّ قوانين قيدت حرية الصحافة.
أما في تركيا، فخنقت قبضة أردوغان الحريات، وبموجب انتخابات وصفت من قبل مراقبين بأنها "غير نزيهة"، حصل الرئيس التركي في يونيو على سلطات تنفيذية واسعة، منحت حزبه العدالة والتنمية وحلفاءه القوميين كذلك أغلبية برلمانية.
وفي يوليو، أدى أردوغان اليمين رئيسا للبلاد بسلطات جديدة كاسحة، عقب فوزه بفارق بسيط في استفتاء جرى العام 2017 لاستبدال النظام البرلماني في تركيا بنظام يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات واسعة، وأعقبه بتحقيق فوز صعب المنال بيونيو في انتخابات لهذا المنصب الجديد.
ويعتبر معارضون أن السلطات الجديدة التي أصبح أردوغان يتمتع بها، تمثل توجها نحو "نظام استبدادي"، واتهموا أردوغان بتقويض المؤسسات العلمانية التي أنشأها مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، وإبعادها بشكل أكبر عن القيم الغربية بشأن الديمقراطية وحرية التعبير.
ومن الصلاحيات التي منحت لأردوغان تعيين الحكومة، والتعيينات والإقالات في السلك القضائي، وإعلان حالة الطوارئ قبل عرضها على البرلمان عند الحاجة إلى ذلك، وإصدار المراسيم الرئاسية حول كل القضايا المتعلقة بصلاحياته التنفيذية دون العودة للبرلمان.
قبضة حديدية تفتك بالصحافة
وفيما يتعلق بحرية الصحافة والإعلام، فقد ضرب أردوغان بقبضة حديدية هذا القطاع، فأغلقت السلطات أكثر من 150 وسيلة إعلامية، واعتقلت عشرات الصحفيين، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة سنة 2016.
وقالت لجنة حماية الصحفيين في دراسة سنوية، إن تركيا لا تزال "أسوأ بلد في العالم" من حيث قمع حرية الصحافة، حيث يقبع 68 صحفيا على الأقل خلف القضبان بتهم تتعلق بمعاداة الدولة.
وشكلت محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في تركيا في 2016، ذريعة لأردوغان لشن حملات اعتقالات واسعة، شملت عمليات خطف وتعذيب في سجون غير رسمية.
كذلك تم فصل مئات الآلاف من العاملين في القطاع الحكومي بتهمة الانتماء لجماعة رجل الدين فتح الله غولن، المقيم في الولايات المتحدة، والذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب.
وأوضح مركز ستوكهولم للحريات، أن ما لا يقل عن 150 ألف شخص فقدوا وظائفهم بتهمة الانتماء لجماعة غولن، بينما يقبع عشرات الآلاف في السجون.