تركة من الفساد والاعتقالات وانهيار اقتصاد فنزويلا وتدهور العملة الوطنية آلت إليه البلاد في ظل حكم الرئيس نيكولاس مادورو، الذي اعتبر نفسه الامتداد الطبيعي لنظام الرئيس الاشتراكي الراحل هوغو تشافيز وثورته.
فمنذ تولي مادورو الحكم في أبريل 2013 كخليفة لتشافيز بعد وفاته، والبلاد تشهد أزمات سياسية واقتصادية متلاحقة، إلا أن الأزمة الحالية قد تكون الفصل الأخير في حكمه، بعد أن أدى، الخميس الماضي، اليمين لفترة ثانية متحديا منتقديه في الولايات المتحدة ودول أميركا اللاتينية، وذلك بالرغم من الأوضاع السياسية والاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد.
وإثر ذلك، أعلن رئيس البرلمان الفنزويلي الخاضع لسيطرة المعارضة، خوان غوايدو، نفسه "رئيسا بالوكالة" لفنزويلا، وحظي على الفور باعتراف واشنطن ودول أخرى في القارة الأميركية.
وخلال 6 سنوات من حكم الرئيس الفنزويلي، شهدت البلاد أوضاعا اقتصادية سيئة تشمل النقص في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية، فضلا عن الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي.
كما سجنت حكومة مادورو العشرات من النشطاء وقادة المعارضة بتهمة السعي للإطاحة بالرئيس خلال مظاهرات في عامي 2014 و2017، كما قتل 125 شخصا في اشتباكات مع الشرطة في احتجاجات عام 2017.
وخلال السنوات الماضية تراجعت شعبية مادورو، مع التضخم المفرط وتزايد الاستبداد، وتزايد حالات الهجرة الجماعية، غير أن المؤيدين الذين يتلقون إعانات حكومية في المناطق العشوائية يواصلون دعمه.
وشهدت البلاد مع حكومة مادورو انهيارا كبيرا في العملة الوطنية "البوليفار"، وأصبحت غير جديرة بالثقة، ما أدى إلى عدم الاستقرار وانتشار الفقر، فيما سجل معدل التضخم في آخر مؤشر قياس حديث نحو 80 ألفا بالمئة.
وفي وقت سابق، ذكرت مجلة "فوربس" الأميركية أن انهيار اقتصاد فنزويلا جاء نتيجة لسنوات النظام الاشتراكي وعدم الكفاءة والفساد التي سادت في البلاد.
وبالنظر إلى إنتاج النفط الذي يشكل 96 بالمئة من عائدات فنزويلا، نجد أنه تراجع إلى مستوى هو الأقل منذ 30 عاما فبلغ 1.4 مليون برميل في اليوم مقارنة بمعدل إنتاج قياسي حققته البلاد قبل 10 أعوام عند 3.2 ملايين برميل.
وبات العجز المالي يشكل نحو 20 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي، في حين بلغ الدين الخارجي 150 مليار دولار، بحسب "فرانس برس".
أما اتهامات الفساد فهي لا تزال تلاحق نيكولاس مادورو بعد تورطه ودائرته الضيقة بفضيحة الفساد الكبرى المتعلقة بشركة الإنشاءات البرازيلية "أوديربريشت"، كما أعلنت المدعية العامة الفنزويلية السابقة، لويزا أورتيغا، التي أصبحت واحدة من أشد منتقديه، امتلاكها أدلة على تورطه.
وكانت الشركة قد اعترفت بدفع مئات الملايين من الدولارات كرشى للفوز بعقود في 12 بلدا منها فنزويلا، وهي فضيحة هائلة كان لها وقع على الطبقة السياسية في أميركا اللاتينية كلها، لكنه لم تظهر أسماء أي من المتورطين في فنزويلا.
المعارضة الفنزويلية
من جانبها، تسعى أحزاب المعارضة إلى الصمود أمام ديكتاتورية مادورو، حين استطاع الالتفاف على مطالب تنظيم انتخابات رئاسية، ودعا إلى انتخابات لتشكيل "جمعية تأسيسية" من 545 عضوا، تحل مكان البرلمان الفنزويلي الذي تسيطر عليه المعارضة منذ انتخابات 2015، وذلك لتمرير مشروع قرار تعديل الدستور.
وقاطعت أحزاب المعارضة التصويت الذي وصفته بأنه اقتراع مزور كما أعلنت عن رفضها لنتائج الانتخابات معتبرة أنها تزويرا دستوريا وأكبر خطأ تاريخي يمكن أن يرتكبه مادورو، ودعت إلى استمرار الاحتجاجات ضد إنشاء الجمعية التأسيسية.
كما نددت الولايات المتحدة بالانتخابات متوعدة باتخاذ "إجراءات قوية وسريعة" ضد حكومة مادورو، علما بأن الولايات المتحدة هي أكبر سوق للنفط الفنزويلي.