في خطوة غير مسبوقة منذ 4 عقود، خرج تجار أكبر الأسواق الإيرانية في طهران متظاهرين ومضربين عن العمل، ولسان حالهم يقول: "ما أشبه الليلة بالبارحة".
فها هو "البازار الكبير" الذي لعب دورا حاسما في ثورة 1979 يعود من جديد إلى المشهد، معلنا انتفاضته على أوضاع اقتصادية خانقة سببتها سياسات الملالي.
ولأول مرة منذ نحو 40 عاما أغلق أكبر الأسواق الإيرانية في العاصمة أبوابه احتجاجا على انهيار كبير للريال الإيراني، بحسب تصريح لرئيس الجمعية الإسلامية للتجار، أحمد كريمي أصفهاني.
ويعكس التعامل العنيف والقمعي للشرطة الإيرانية، مع احتجاجات وإضرابات كبار تجار إيران، المستمر منذ الاثنين الماضي، خوف النظام مما تحمله انتفاضة "بازار طهران الكبير"، الذي يقع في القسم الجنوبي للعاصمة، من رسائل تحذير قد تطيح المرشد ومجالسه الحاكمة، مثلما حدث وأطاح الشاه محمد رضا بهلوي.
وبدلا من أن يحاول النظام تهدئة التجار أو يحد من سياساته المقوضة لأمن المنطقة والمبددة لأموال الشعب، مثل حروب الحرس الثوري خارج البلاد، عمد إلى "قمع تظاهرات البازار الكبير واعتقل العديد من التجار"، بحسب الباحث في الشؤون الإيرانية حسن راضي.
وثمَن راضي، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، انضمام تجار البازار إلى شرائح المجتمع الأخرى في الاحتجاجات والتظاهرات الواسعة التي عمت البلاد منذ أواخر العام الماضي، قائلا إنها "خطوة كبيرة ومهمة في الضغط على السلطات الإيرانية".
وأكد الباحث تأثير إضرابات تجار بازار طهران الكبير، وهو أكبر سوق من نوعه في العالم، على الاقتصاد الإيراني، مضيفا: "استمرار تظاهرات وإضرابات التجار سيشل الحياة الاقتصادية".
هل تتوقف المظاهرات؟
يعمل كبار تجار إيران في "بازار طهران الكبير"، الذي يضم العديد من البضائع المستوردة التي تأثرت بالتراجع الكبير لقيمة العملة المحلية مقابل الدولار.
وبحسب وكالات الأنباء الإيرانية "فارس" و"إسنا" و"تسنيم"، فقد اندلعت احتجاجات التجار عقب تراجع الريال الإيراني إلى 90 ألفا مقابل الدولار في السوق السوداء.
ونتيجة لذلك خزن التجار بضائعهم القديمة "لعدم استطاعتهم شراء بضائع أخرى جديدة بنفس أسعار القديمة"، وفقا لراضي.
ومن غير المتوقع أن ينجح النظام في إيقاف احتجاجات الأسواق الإيرانية، بحسب الباحث الذي تابع قائلا: "ستتوسع رقعة المظاهرات والاحتجاجات في نوفمبر المقبل إذ سيتوقف تصدير النفط الإيراني" تماما، بحسب مهلة هددت بها واشنطن المتعاملين مع النظام، وإلا الوقوع تحت طائلة عقوبات غربية جديدة.
وتمثل الخطوة الأميركية فيما يتعلق باستيراد النفط تصعيدا قد يطيح الاقتصاد الإيراني، حيث أوضح راضي أن "ميزانية النظام في طهران تعتمد كثيرا على النفط، وعندما يتوقف تصديره ستكون الأمور أكثر تأزما من الناحيتين الاقتصادية والسياسية".
ويرى راضي أنه "ليس أمام المواطنين الإيرانيين سوى التظاهر والاحتجاج السلميين، بينما يعمل النظام على تحويلهما إلى اشتباكات حتى يبرر قمعه"، لكنه مضى يقول: "ليس أمام نظام إيران إلا التراجع".