أثارت استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي هيلامريم ديسالين الخميس وما أعقبها من فرض حالة الطوارئ في البلاد قلق الدول الغربية المعنية بالشأن الإثيوبي فضلا عن دول الجوار في القرن الأفريقي ودول إقليمية أخرى.
وبدا أن الكثيرين في الخارج قد أخذتهم المفاجأة باستقالة ديسالين وفرض حالة الطوارئ وإعلان وزير الدفاع الإثيوبي سراج فيغيسا أن حالة الطوارئ قد تمدد لأشهر أخرى بعد الستة أشهر التي جرى إعلانها سابقا، مؤكدا أن الجيش لن يستولي على السلطة.
وسيبقى ديسالين يمارس مهامه بشكل انتقالي رغم استقالته إلى حين تعيين حكومة جديدة إذا تمكن ائتلاف الأحزاب الحاكمة من ذلك في وقت ترى فيه المعارضة أن كل أبواب الإصلاح السياسي قد اغلقت من قبل النظام الحاكم.
ويحكم ائتلاف "جبهة الشعب الديمقراطية الثورية" أثيوبيا منذ أكثر من ربع قرن، لكنه يعاني من الضغط الشعبي وعدم القدرة على تلبية احتياجات المواطنين منذ وفاة زعيم الائتلاف ورئيس الحكومة السابق ميليس زيناوي عام 2012.
وتسيطر "جبهة تحرير شعب التيغراي" على الائتلاف رغم أن أثنية التيغراي لا تشكل أكثر من 6 في المئة من سكان اثيوبيا الذين يزيد عددهم على 100 مليون نسمة، ما أدى إلى احتجاجات من أثنيتي الأورومو والأمهرة.
عامان من الاضطرابات
وفرضت الحكومة الاثيوبية حالة الطوارئ في 2016 مع اتساع نطاق الاضطرابات في مناطقة واسعة من البلاد واقترابها من العاصمة أديس أبابا، إذ تسمح حالة الطوارئ لقوات الجيش بالتعاون مع الأمن في قمع الاحتجاجات.
وأسفرت المواجهات بين المحتجين وقوات الجيش والأمن إلى مقتل ما يزيد عن ألف شخص واعتقال حوالى 22 ألفا آخرين.
وتباينت مطالب المحتجين، لكن أغلبها تركز على استمرار تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين في وقت تقول فيه الحكومة إن برنامجها للإصلاح الاقتصادي سيعود بالفائدة على المواطن العادي.
وفي بعض مراحل الاحتجاجات قام المتظاهرون بتدمير مشروعات استثمارات أجنبية، خاصة استثمارات تركية.
وفي أغسطس العام الماضي رفعت الحكومة حالة الطوارئ وأفرجت مؤخرا عن بعض المعتقلين خاصة بعض قيادات المعارضة.
لكن يبدو أن الائتلاف الحاكم لم يدرك عمق الاعتراض الشعبي على حكمه، وأن الأغلبية من السكان وأحزاب المعارضة التي تمثلها لا ترى تغيرا كبيرا في سياسات الحكومة.
فضلا عن أن الأوضاع الاقتصادية للمواطنين لم تشهد أي تحسن ملموس.
"فشل ماركسي"
يقول كثير من المحللين الغربيين، وأكاديميين أثيوبيين في جامعات غربية، إن ائتلاف الأحزاب الماركسية الحاكم فشل في إقناع مواطنيه بإصلاحاته السياسية والاقتصادية.
وحتى الإشارات الايجابية من المؤسسات الدولية على أداء الاقتصاد الاثيوبي (حسب بيانات الاقتصاد الكلي وليس ما يشعر به المواطن العادي بشأن حياته اليومية) لم تفلح في توفير دعم داخلي كافي للحكومة، التي لا ينظر إليها داخليا إلا على أنها حكم للأقلية من التيغراي على أغلبية من الأورومو والأمهرة لا تحصل على شيء من مقدرات البلاد.
وفي رأي بعض المحللين المتابعين للشأن الاثيوبي أن الأحزاب الماركسية التي تحكم منذ عقود لم تغير من نفسها بما يكفي لتواكب تطورات العالم فكان من الطبيعي أن تلجأ للقمع كوسيلة لضمان استمرارها في الحكم.
من غير الواضح ما ستؤول إليه الأوضاع في اثيوبيا، لكن ما يجمع عليه كثيرون أن حالة الطوارئ وقمع الجيش والأمن لن ينجح في إبقاء الائتلاف الحاكم في السلطة طويلا.