بعيدا عن صخب المدينة، وعلى الكثبان الرملية لبحر قطاع غزة، يحتضن الشاطئ دير القديس هيلاريون، الذي يعد المكان الأثري الأكبر في الشرق الأوسط منذ العهد البيزنطي، لكن الموقع مدرج منذ العام 2012 على قائمة المواقع الأثرية المائة المهددة بالزوال في العالم، وفق تقرير لوكالة "أسوشيتدبرس".
ويرجع اسم هذا الدير، الذي يتربع على تلة ساحلية قرب مخيم دير البلح وسط القطاع، إلى الراهب هيلاريون الذي عاش في القرن الرابع للميلاد، عندما كانت المسيحية هي العقيدة المهيمنة في هذه المناطق آنذاك.
وتسبب الزحف العمراني في قطاع غزة، الذي يعد البقعة الأكثر ازدحاما على وجه الأرض، في تعريض مواقع أثرية يمتد عمرها إلى 4 آلاف و500 سنة، إلى الاندثار، ويشمل ذلك أسوارا وأعمدة من العصر البرونزي، بالإضافة إلى قطع فسيفساء بيزنطية ملونة، كان يزخر بها ساحل القطاع، كما يقول خبراء آثار.
ويقول عالم الآثار الفرنسي جان باتيست همبرت، الذي أشرف على مواقع أثرية في قطاع غزة من 1995-2005، "إن الآثار في غزة في كل مكان"، وأضاف أن القطاع "واحة غنية جدا بالحدائق، والمدن، والحصون، والأسوار القديمة التي تنتشر في كل مكان".
ويشكو همبرت من ندرة الإمكانيات المالية، وقلة الموظفين المحليين المدربين على التعامل مع مثل هذه الآثار، الأمر الذي جعلها نهبا للعوامل المناخية المتغيرة، فضلا عن الزحف العمراني الحديث عليها.
ورصدت فرنسا بالتعاون مع منظمة اليونسكو عام 2010 مبلغا ماليا لإنقاذ دير القديس هيلاريون من الاندثار، إلا أن الأوضاع السياسية المضطربة التي يشهدها قطاع غزة لا تترك مجالا للاعتناء بالآثار.
ويعتمد القيمون على الموقع الأثري على تسنيد أسواره بالخشب وأكياس الرمل، في محاولة للحفاظ عليه ولو مؤقتا، في ظل عدم توفر أدوات حديثة تمكن من التعامل مع مثل هذه المواقع الأثرية النادرة على الوجه الأمثل.