يسير المزارع هو تشي تشين الذي يبلغ من العمر 58 عاما بين بقايا ثمار الخوخ والأفوكادو والباباي التي تناثرت على العشب الأخضر داخل بستانه في مقاطعة تايتونغ شرقي تايوان، وقد أصيب بعض ثمار الفاكهة بنقرات صغيرة تشير إلى الطبيعة الانتقائية للصوص كانوا يبحثون عن ثمار حلوة المذاق.
إن الجناة مجموعة تضم ما بين 15 و20 قردا يعيشون في التلال القريبة، ويتعاملون مع بستان التايواني العجوز وكأنه مخزن طعام لهم.
وعادة ما تغزو القردة البستان عند الفجر أو في الغسق، أواخر فصل الربيع أو أوائل فصل الصيف عندما يقترب نضوج الفاكهة.
وبالنسبة لتايوان، تمثل الأعداد المتزايدة من قردة "المكاك"، التي تقطن الجزيرة ، قصة نجاح في مجال حماية الحياة البرية. فبعد أكثر من عقدين من الحماية القانونية والعمل ضد الصيد الجائر لها، زاد عدد قردة المكاك إلى مئات الآلاف، وأصبحت هذه السلالة تحمل تصنيف "غير مهددة بالانقراض" من قبل الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة ومواردها في عام 2008.
لكن الخصومة مع البشر في الآونة الأخيرة أثارت لدى البعض تساؤلات بشأن ما إذا كان يجب على الحكومة الإبقاء على هذه الحماية.
وعرضت بعض وسائل الإعلام المحلية مشاهد مصورة لقردة تسرق طعاما من سائحين أثناء زيارتهم لجبل يحتوي على مناظر طبيعية خلابة في مدينة كاوهسيونغ ، ثاني أكبر مدن تايوان.
وغالبا ما يشكو طلاب جامعة سون يات سين الوطنية، التي تقع بالقرب من هذا الجبل، من قردة المكاك لأنها تتعلق بالقرب من مساكنهم وتعبث بشرائح البطاطس والشعرية سريعة التحضير الخاصة بهم.
ولكن المشكلة في تايتونغ تمثل تحديا جديدا أمام المسؤولين حيث أن قردة المكاك تهدد سبل العيش.
والمزارع هو، مثل الكثير من المزارعين في تايتونغ ، شهد زيادة في هجمات قردة المكاك على مدار العقد الماضي مشيرا إلى إن هذا العام هو الأسوأ على الإطلاق بعد أن خسر أكثر من 60 في المئة من محصول الخوخ - تقدر قيمتها بنحو 200 ألف دولار تايواني ( 6700 دولار أمريكي ).
ويضيف هو: "نحن لا نمانع في أن تأكل القردة فواكهنا، ولكن ما يصدمني هو مقدار ما تهدره".
القتل
وكبوذي متدين، قال هو إنه جرب كل شيء ماعدا قتل هذه "الوحوش الصغيرة" ، بما في ذلك إقامة سياج وإطلاق الألعاب النارية، حتى إنه قام بإذاعة تعاويذ بوذية عبر مكبرات الصوت تطلب من القردة عدم إهدار الطعام ، لكنها على ما يبدو لم تنصت وظلت تلقى بحبات الخوخ نصف المأكولة على الأرض.
وقال ليو شيو غونغ ، الأمين العام لاتحاد مزارعي بلدة دونجخه في تايتونغ، إن تقريبا جميع مزارعي الفواكه في دائرته ، علاوة على مزارعي براعم الخيزران ، يعانون من مشكلة القردة.
وعندما يرى غونغ قردة المكاك تركض في المزارع والطرق المحلية ، فإنه يعتقد أنها قادمة من الجبال . ويشعر أن الحفاظ عليها أوجد مشكلة الزيادة العددية لها ، مما تسبب في نقص الغذاء في موطنها الأصلي بالمناطق المرتفعة.
ويقول تسنغ ياو هسيانغ المنسق بجمعية مزارعي بلدة لوي إن عددا قليلا جدا من القردة هبط من الجبال فرادى في البداية ، لكنهم أدركوا فيما بعد مدى سهولة الحصول على الطعام من أشجار الفاكهة المثمرة.
وأضاف هسيانغ: "عندما يكتشف قرد واحد أن مزرعة مصدر سهل للطعام ،يجلب القطيع كله "
ولجأ بعض المزارعين إلى استخدام الأسوار الكهربائية والبنادق الهوائية للتخلص من القردة بالقتل، وهو مايعد قانونيا في حالة تعدي قردة المكاك على أراضيهم .
ويريد كثير من المزارعين من الحكومة وضع تدابير للتحكم في أعداد هذه القردة، ولكنهم يختلفون حول كيفية تنفيذها.
الإخصاء
واقترح عشاق الحيوانات ومزارعون مثل "هو" أن يتم تفعيل برنامج لخصي القردة ، فيما اقترح آخرون تدشين موسم سنوي لصيد قردة المكاك.
ولم تعد بعض جماعات الحفاظ على البيئة، بما في ذلك جمعية تايوان لحماية الحياة البرية والطبيعة، تعارض رفع الحماية.
ويقول تساي هوي تشينغ، الأمين العام للجمعية "نحن نتفق ، على الرغم من أننا مؤسسة هدفها حماية الحياة البرية، على أن أعداد قرود المكاك ارتفعت إلى اكثر مما تستهدفه الحماية وازدادت أعدادها حاليا بشكل مفرط".
ولكن المسؤولين في تايبيه مترددون في القيام بذلك، حيث يرى يانغ هونغ تشي، نائب مدير إدارة الغابات فى تايوان، أن برنامج الإعدام سيكون محفوفا بالمخاطر على الصعيد السياسي ، ويمكن أن يثير غضب الشباب والجماعات المعنية بحقوق الحيوان. ويقول إن معظم التايوانيين ارتبطوا بقردة المكاك نظرا لجاذبيتها وملامحها التي تشبه الإنسان .
وبدلا من ذلك، دعا تشي المزارعين إلى البحث عن طرق بديلة للحد من الأضرار، ومنها زرع الفواكه الحمضية بدلا من الحلوة، وتسيير دوريات للحراسة الليلية أو وضع كلاب في الحقول .
ومع ذلك ، فالوكالة بصدد إجراء تجارب على مدى فعالية برنامج المحاصرة والخصي في بعض المناطق، في حالة تغير الآراء الشعبية .
وأضاف تشي "عندما تطالبنا نسبة أكبر من المجتمع ببذل المزيد من الجهد للتحكم في أعداد المكاك ، سنكون جاهزين ".