تبنت الحكومة اليمنية أحدث جهود مكافحة القات في 12 أبريل، بعد أشهر من الضغوط من الناشطة هند الإرياني، التي استخدمت موقعي فيسبوك وتويتر، ونجحت من خلالهما في وضع القضية على الأجندة الوطنية وحشد تأييد لا بأس به من الشباب اليمنيين، الذين يؤيدون حظر هذا النبات نهائياً.
وقدمت هند، بالاشتراك مع مجموعة من المحامين اليمنيين، مشروع قانون لرئيس الوزراء يفرض عقوبات على من يستهلكون الموارد العامة على القات، أو يستخدمونه في المكاتب الحكومية.
وقالت هند إن القانون تم إقراره، وسيبعث برسالة فورية وواضحة لجميع اليمنيين بأن مضغ القات غير مقبول وغير ملائم في العمل. وأضافت أن على الحكومة أن تبدأ بنفسها وأن تكون مثلاً أعلى لمواطنيها.
والحملة التي يجري الترويج لها من خلال القنوات الإذاعية والتلفزيونية الحكومية والملصقات والورش، هي أول جهد مشترك تبذله الحكومة للتعامل مع تعاطي هذا المخدر منذ أكثر من عشر سنوات. لكن الكثير من اليمنيين لا يعولون كثيراً على هذه الحملة.
ومضغ القات، أو ما يعرف بـ"التخزين"، تسلية للمواطنين في اليمن منذ قرون. وتصنف منظمة الصحة العالمية القات باعتباره "مخدراً، ويمكن أن يسبب ارتفاع ضغط الدم وتسوس الأسنان والإمساك والبواسير والهلوسة والاكتئاب".
نفوذ سياسي وراء القات
وقالت الناشطة هند إن مسؤولين في الحكومة يقفون وراء هذه الصناعة بدرجة لا تسمح بأن يتحمسوا للقضاء عليها. وأضافت أنهم لا يريدون مكافحتها، بل يريدون تشجيعها. وقالت إنها لم تقابل مسؤولاً حكومياً قط يعارض القات قلباً وقالباً.
وفي عام 1972، منع رئيس الوزراء آنذاك محسن العيني، مضغ موظفي الحكومة للقات خلال ساعات العمل، وحظر زراعته على الأراضي التابعة لهيئات دينية حكومية.
وتلقى العيني تهديدات بالقتل من رجال قبائل وأصحاب مزارع قات حول صنعاء. ويشتبه الكثير من اليمنيين في أن إقالته من منصبه بعد ثلاثة أشهر كانت نتيجة لحملته.
وقال عبد الرحمن الإرياني، وزير المياه اليمني السابق، مؤسس جمعية خيرية لمكافحة القات تساعد المزارعين في استبدال أشجار القات بالبن؛ إن القات هو أكبر سوق باليمن، وإنه أكبر من النفط ومن أي شيء.
استنزاف للمياه والأرض
وقال الخبير الاقتصادي محمد السعيدي إنه إذا استمر انتشار مزارع القات بهذه الوتيرة، فإن كل الأراضي الزراعية باليمن ستستغل في زراعة القات عما قريب.
ويقول البنك الدولي إن واحداً من كل سبعة يمنيين يعملون في إنتاج وتوزيع القات، مما يجعله أكبر مصدر للدخل في الريف، وثاني أكبر مصدر للوظائف في البلاد، بعد قطاعي الزراعة والرعي ليفوق القطاع العام نفسه.
ولعل أكثر مشاكل البلاد إلحاحاً تراجع إمدادات المياه. ويتوقع أن تصبح صنعاء أول دولة في العالم تنفد منها المياه، لكن زراعة القات التي تفرض عليها أقل نسبة من الضرائب تحظى بأكبر قدر من الدعم، كما أنه المحصول الأسرع نمواً في اليمن ويستهلك 40 في المئة من مساحة الأراضي الزراعية.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن 80 في المئة على الأقل من الرجال، ونحو 60 في المئة من النساء، وأعداد متزايدة من الأطفال تحت سن العاشرة؛ يمضغون القات في فترة ما بعد الظهر في أغلب الأيام.
وقال فارس الريامي، وهو تاجر قات شاب: "القات لليمنيين مثل القهوة للأمريكيين والشاي للبريطانيين".