أثار قرار العفو الملكي الذي شمل الآلاف من مزارعي القنب الهندي في المغرب تفاعلا واسعا بين الأوساط الحقوقية والمدنية، وارتياحا وسط المزارعين وعائلتهم.
وأصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس، مساء الاثنين، عفوا عن أكثر من 4800 شخص من المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي.
وأوضحت وزارة العدل في بيان: "وفضلا عن الجوانب الإنسانية لهذه الالتفاتة، فإنها ستمكن المشمولين بها من الاندماج في الاستراتيجية الجديدة التي انخرطت فيها الأقاليم المعنية في أعقاب تأسيس الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي والأثر المهيكل الذي سيحدثه نشاطها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي".
وفي مارس 2021 صادقت الحكومة المغربية على القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي أو نبتة "الكيف"، كما تسمى محليا، وخلق وكالة (هيئة) من بين مهامها التنسيق بين كافة القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والشركاء الوطنيين والدوليين.
والزراعات المشروعة بحسب مشروع القانون هي: مجالات الطب والصيدلة والصناعة.
إشادة بقرار العفو الملكي
وسجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن العفو الملكي "يقع في صلب الاختيارات الاستراتيجية الهادفة لتعزيز مسارات التنمية المستدامة بما يدعم العدالة المجالية ".
وأضاف أنه "يدعم انخراط المملكة المغربية في المقاربة الحقوقية كما بلورتها الأمم المتحدة في استراتيجيتها الدولية لمكافحة المخدرات وينهض بمشاركة المزارعين الصغار للقنب الهندي ضمن هياكل وآليات مؤسساتية لاستعماله لأغراض طبية وصناعية".
بدوره رحب المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي بقرار العفو الملكي وقال في بيان إن هذه الفئة التي شملها العفو قد "عانت لعقود بسبب تشريعات ساوت بين المزارعين البسطاء الباحثين عن قوت يومهم وبين المهربين الذين يستغلون نفوذهم من أجل استعباد هؤولاء المزارعين".
الخروج من دائرة "الخوف"
ومنذ تقنين استخدامات القنب الهندي في المغرب، عقد الألاف من المزارعين آمال كبيرة على هذه الخطوة، لانتشالهم من حالة الخوف الدائم، بسبب اشتغالهم في قطاع "خارج عن القانون".
وطالب عدد من المزارعين منذ سنوات ببديل اقتصادي، لمزاولة نشاطهم في العلن ودون خوف من أي ملاحقات قانونية.
وكشف محمد، وهو مزارع من قبيلة صنهاجة، بإقليم الحسيمة شمالي المغرب، في تصريح سابق لموقع "سكاي نيوز عربية" أن مزارعي القنب الهندي "يتهمون بممارسة نشاط محظور وربط صلات مع تجار وبارونات المخدرات".
وأضاف أن هذا الوضع "يجعلهم مطاردين ومحل ملاحقات قضائية"، بحسب المزارع الشاب الذي يضيف " نعيش خوفا دائما من الاعتقال، لذلك نتجنب مغادرة قرانا للذهاب لقضاء المصالح الإدارية، وأحيانا حتى لزيارة المستشفى".
كما أكد مزارع آخر ينحدر من منطقة كتامة التي يلقبها البعض بـ"عاصمة الكيف" أن: "المستفيد الأكبر من زراعة القنب الهندي، هو التاجر والمهرب وليس المزارع البسيط". لذلك يعقد هذا الأخير آمالا كبيرة على أي قرار يصب في اتجاه تقنين هذه الزراعة، للمساهمة في تحسين وضعه الاجتماعي، وأن يتيح له ذلك العمل في إطار مقنن ومنظم.
مكاسب اقتصادية
وإلى جانب المكاسب الاجتماعية ينتظر يخلق المغرب من خلال تقنين زراعة القنب الهندي فرص اقتصادية مهمة، حيث قدمت دراسة لوزارة الداخلية المغربية الدخل المتوقع من هذه الزراعة وفرضيات تخص مركز المغرب المنتظر في سوق القنب الهندي على المستوى العالمي، استناد إلى مجموعة من المعطيات.
وأفادت الدراسة الرسمية، أن الدخل الصافي للهكتار الواحد لزراعة القنب الهندي، يمكن أن يصل إلى 110 ألف درهم سنويا (حوالي 13 ألف دولار)، وهو ما يمثل تحسنا بنسبة 40 بالمئة مقارنة مع أعلى مستوى للدخل الحالي.
وقدمت الدراسة فرضيتين فيما يخص حصة إنتاج المغرب من السوق الأوربية بحلول عام 2028، تستهدف الأولى 10 بالمئة من إجمالي نشاط السوق، وهو ما يمثل 4.2 مليار دولار، بحصة مداخيل زراعية سنوية تقدر بحوالي 420 مليون دولار.
أما الفرضية الثانية وهي الأكثر تفاؤلا، فتستهدف 15 بالمئة من السوق، وهو ما يشكل 6.3 مليار دولار، بمداخيل سنوية تقارب الـ630 مليون دولار، وهو الرقم الذي سيمكن من تجاوز حجم إجمالي المداخيل الزراعية الحالية في المغرب المقدرة بحوالي 400 مليون دولار سنويا.