مع استمرار الحرب في قطاع غزة يزداد الوضع الإنساني تفاقما.وفي ظل توقف الخدمات والدعم الإنساني، يلجأُ النازحون في جنوب القطاع إلى الجمعيات الخيرية للحصول على ما تيسر من الطعام، في ظل أزمة إنسانية حادة.
ضاقت السبل أمام النازحين إلى جنوب قطاع غزة، ولم يعد أمامهم من معيل سوى الجمعيات الخيرية في ظل ظروف شديدة الصعوبة تعم قطاع غزة.
في هذا المكان برفح، جنوب القطاع تمتد الطوابير المكتظة لتقف في انتظار وجبة توزعها إحدى الجمعيات الخيرية المحلية. ويقف الصغار والكبار حاملين الأواني التي يحملون فيها الوجبة التي توزع عليهم.
ويصرح احد العاملين في جمعية القاسمية الخيرية قائلا:" يتوافد علينا أناس كثيرون من المخيمات ومن المدارس في غزة".
أكلات يومية يطهوها الطباخون العاملون في الجمعية الخيرية، ووجبات موجهة لأعداد كبيرة من النازحين الذين لم يعد أمامهم من سبيل للظفر بلقمة تسد الرمق سوى هذه الجمعيات التطوعية.
وفي ظل انقطاع الكهرباء والغاز وفقدان المرافق الحياتية اضطر المتطوعون ضمن هذه الجمعية إلى إيجاد وسائل بديلة، من ذلك العودة إلى الأساليب القديمة واستخدام الخشب للطهي. حيث يقول العامل في جمعية القاسمية الخيرية: "نقدم خدماتنا في ظروف قاسية خاصة أمام انقطاع الكهرباء والغاز، حيث عاد بنا الزمن إلى العصر القديم من خلال استعمال الحطب لنوقد بها النار لنتمكن من إطعام هؤلاء الناس".
هذه الجهود التي تبذلها الجمعيات الخيرية التي أصبحت المسكّن المؤقت لجوع عشرات الآلاف من النازحين، تتزامن مع مخاوف من انقطاع وشيك لعمليات الإغاثة الإنسانية الأممية.
فقد حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الأونروا من توقف العمليات الإنسانية خلال 48 ساعة، بسبب عدم السماح بدخول الوقود إلى القطاع المحاصر.
وقال مدير الوكالة إن المقاولَيْن الرئيسيَيْن لدى الأونروا توقفا عن العمل بسبب نفاد الوقود. وأوضح أن هذا الأمر سيحرم عشرات آلاف الفلسطينيين من مياه الشرب في القطاع، حيث يعيش أكثر من مليوني شخص ويعتمدون جميعا وبشكل كامل على المساعدات.
وفي ظل غياب أفق واضح لانتهاء الحرب في غزة، يبدو الوضع مقبلا على مزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية، فيما ينتظر السكان أي بوادر اتفاق بين حماس والإسرائيليين، آملين في انتهاء معاناتهم وعودتهم إلى حياتهم الطبيعية.
الحرب تجبر السكان على "الحياة البدائية"
بعد أكثر من شهر من القصف المتواصل والعنيف لقطاع غزة، اضطرت مئات الآلاف من العائلات للنزوح جنوبا والتأقلم مع ظروف عيش جديدة. فمن طرق التواصل والمواصلات إلى الطبخ وشراء احتياجاتهم اليومية، لم يبقَ شيء على حاله وسط القصف.
فبعد أن غيرت الحرب مجرى الحياة في غزة بات المشي على الأقدام أو ركوب العربات التي تجرها الحصن هي الطريقة التي يعتمد عليها الفلسطينيون للتنقل لقضاء احتياجاتهم جنوبي قطاع غزة بعد شلل أصاب حركة المواصلات بسبب نفاد الوقود ومنع إسرائيل توريده إلى القطاع.
ومع نزوح مئات الآلاف من سكان مدينة غزة نحو المناطق الجنوبية تسبب بنفاد مخزون المواد الغذائية في أسواقها وغلاء أسعارها، بات مشهد الأرفف الفارغة في أكبر مراكزها التجارية أمرا واقعاً والتزود بالقليل مما شح وندر من السلع والبضائع حدثا يومياً.
وخلال حديثها لـ"سكاي نيوز عربية" قالت إحدى المواطنات إنها ذهبت لأكثر للتسوق لأكثر من مرة، لكنها لم تستطع الشراء إما بسبب نفاذ المنتج الذي تبحث عنه أو ارتفاع سعر ما تبقى من معروض في المحلات التجارية.
واقعٌ إنساني بائس دفع بسكان جنوبي غزة ومعهم النازحون لاستخدام وسائل بدائية كالطهي على الحطب مع نفاد غاز الطهي أيضاً. وهو ما أكد طباخ خلال حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" حيث قال: بعد انقطاع الغاز بشكل كامل في قطاع غزة اتجهنا للحطب الذي بدأ بدوره في النفاد أيضا".
خطر انتشار الأوبئة يهدد سكان قطاع غزة
يدفع الاكتظاظ في الملاجئ والمخيمات نحو واقع صحي مخيف في ظل نقص المساعدات الإنسانية بفعل الحصار الإسرائيلي المطبق.
مؤشرات الإصابة بالأمراض باتت مؤكدة، حيث كشفت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، مارغريت هاريس، عن تسجيل إصابة ما يقرب من 55 ألف شخص بالتهابات حادة في الجهاز التنفسي، وما يفوق عن 33 ألفا بحالات إسهال حاد معظمها من الأطفال ما دون سن الخامسة.
حذرت المنظمة من احتمال انتشار موجة كبيرة من الأوبئة، تهدد بإصابة نحو 600 ألف شخص مهدد بالإصابة لانعدام الشروط الصحية، ولتسبب أزمة الوقود في شل مفاصل الحياة، حيث توقفت أنشطة إدارة الصرف الصحي وجمع النفايات في غزة، والخوف الأكبر من شرب مياه ملوثة بعد توقف محطة تحلية المياه عن العمل واعتماد سكان غزة على المياه الجوفية والصهاريج.
وضع قد ينذر بكارثة يصعب السيطرة عليها في ظل توقف أكثر من نصف المؤسسات الصحية عن الخدمة وشبه انعدام الدواء.
الدبابات الإسرائيلية تحاصر مستشفى الشفاء
ذكرت وكالة رويترز أن الدبابات الإسرائيلية تقدَّمت إلى أبواب مستشفى الشفاء في غزة وضيقت الخناق على المستشفى.
ونقلت رويترز عن مصادرَ طبية داخل المستشفى أن القوات الإسرائيلية قصفت خزانات وآبارَ المياه ومضخة الأكسجين.
وذكرت مصادرُ طبية في القطاع أن هناكَ أكثرَ من 650 مريضا على الأقل داخل المستشفى الذي باتَ خارج الخدمة بعد انقطاع الكهرباء.
تنكيس أعلام الأمم المتحدة ودقيقة صمت
قامت مكاتبُ الأمم المتحدة في العالم بتنكيس أعلامها الإثنين، ووقفَ الموظفون دقيقة صمت حدادا على مائة وواحد من موظفي وكالة الأونروا، قُتلوا في غزة منذ السابع من أكتوبر.
وأوضحت وكالة الأونروا، أن عدد القتلى في غزة، يُعَدُّ الأعلى في تاريخ الأمم المتحدة، مؤكدة أنه مستمر في الازدياد.
وكان الموظفون الراحلون معلمين ومديري مدارس وعاملين صحيين، بمن فيهم طبيب أمراض نسائية، ومهندسون وموظفو دعم وطبيب نفسي.
هذا وأعرب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، عن قلق المنظمة الدولية بشأن ما سيَجري في قطاع غزة خلال الأيام المقبلة.
ودان دوجاريك، استهداف اليونيفيل، مشدداً على ضرورة حماية سلامة كل عناصرها. ولفت إلى أن عدد قتلى موظفي الأونروا في غزة، هو الأعلى خلال فترة قصيرة.