لا تزال القصص المخيفة تتوالى حتى الآن عن غواصة "تيتان" التي غرقت بالقرب من حطام سفينة "تايتانيك"، التي غرقت هي الأخرى قبل نحو قرن، وآخر هذه القصص هي التي كشفها طاقم كان على متن الغواصة في رحلة سابقة، وأوشكوا على فقدان حياتهم.
وكان 5 ركاب على بعد 300 متر من حطام تايتانيك خلال مهمة العام الماضي، عندما فقد قائد الغواصة، سكوت غريفيث، السيطرة عليها، قبل أن تبدأ بالدوران 360 درجة، وسط حالة من الرعب بين الموجودين، في حدث وثقته كاميرات.
ماذا حدث داخل الغواصة؟
تُظهر اللقطات من داخل الغواصة، والتي تم تصويرها كجزء من فيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية عام 2022، أفراد الطاقم والقلق يبدو واضحا على وجوههم وهم يستمعون إلى غريفيث وهو يخبرهم بأن "هناك شيئا خاطئا" في محركات تيتان.
وقال: "لدينا مشكلة"، وهي كلمات لا يريد أحد سماعها على عمق 12500 قدم تحت مستوى سطح البحر.
الخطأ الفني يعني أن الغواصة كانت تدور بشكل لا يمكن السيطرة عليه في دوائر، وغير قادرة على التحرك للأمام والخلف.
وحينها قال غريفيث للركاب: "لا أعرف ما الذي يحدث، أشعر أنني.. لا أعرف ما الذي يحدث".
ثم بدأ غريفيث والقلق يغمر ملامحه، وهو يعمل على جهاز كمبيوتر، قبل أن يسأل الطاقم، الذين كانوا ينظرون من نافذة في الغواصة، ما إذا كانت تدور.
عندما ردت راكبة مكسيكية تدعى رينيتا روخاس بالإيجاب، قال غريفيث بصوت مذعور: "أنا كذلك؟"، لتؤكد له قائلة: "نعم، يبدو أنك تتجه شمالا".
غريفيث رد: "لا!، لدينا مشكلة. عندما ندفع للمضي قدما، فإن أحد أجهزة الدفع لا تعمل".
ويمكن رؤية روخاس وهي تتنفس بشدة وتضع رأسها بين يديها، قبل أن يقول غريفيث: "الشيء الوحيد الذي يمكنني فعله الآن هو الدوران 360 درجة".
في مقابلة بعد المهمة، قالت روخاس لبي بي سي: "ما كنت أفكر فيه هو أننا لن ننجو. نحن حرفيا على بعد 300 متر من تيتانيك، وعلى الرغم من أننا بالفعل في حقل الحطام، لا يمكننا الذهاب إلى أي مكان سوى التحرك في دوائر".
وقال راكب آخر على متن تيتان في ذلك الوقت، أويسين فانينغ، قال: "ما كنت أفكر به هو أنه لا تخبروني أننا على بعد 300 متر من تيتانيك وعلينا الصعود إلى السطح".
كما يُظهر الفيلم الوثائقي الرئيس التنفيذي لشركة "أوشين غيت"، ستوكتون راش، الذي لقي حتفه في غواصة تيتان مع 4 آخرين الشهر الماضي، بعد "انفجار داخلي كارثي" وقع فيها، وهو يحاول مساعدة طاقم الغواصة من السفينة الأم على ارتفاع 12500 قدم فوقها.
وفي حديثه عن وحدة التحكم (المستخدمة في الألعاب الإلكترونية، والتي كانت تستخدم في إدارة تيتان)، قال راش لطاقم السفينة الأم: "العصا اليمنى هي تتحرك للأمام وللخلف، والانعطاف يسارا ويمينا. ما يحدث هو أنه (غريفيث) يحاول المضي قدما لكن الأمر يأخذ منعطفا".
في هذه الأثناء داخل تيتان، سأل عالم على متن السفينة غريفيث ما الذي يمكن أن يسبب مشكلة مع الدافعات.
رد غريفيث: "لقد استبدلوا إحدى الدافعات"، ليجيب العالم: "إذن قاموا بتركيبها بطريقة خاطئة؟ أعني أنها دافع أحادي الاتجاه، أليس كذلك؟".
ثم بدا قائد الغواصة غاضبا، وقال: "نعم، يجب أن يكون الأمر كذلك، لكن حدث شيء ما".
يُظهر الفيلم الوثائقي راش وهو يساعد الطاقم في اكتشاف طريقة لإعادة برمجة وحدة التحكم، مما سمح للطاقم بتنفس الصعداء عندما بدأت تيتان في التحرك للأمام نحو تايتانيك.
وقالت روخاس في مقابلة بعد الغوص: "لقد كنا سعداء للغاية لأننا توصلنا إلى كيفية المضي قدما. بدأنا بالتصفيق داخل الغواصة وقلنا نعم يمكننا الذهاب".
يذكر أنه قبل الغوص، قيل لمن كانوا على متن الغواصة إنها "تجريبية وخطيرة".
وقال مصور الفيديو، جادن بان، الذي كان أحد أفراد الطاقم خلال الغوص في 2022: "يقول الفريق دائما إنه لا يوجد ما يضمن أنك سترى تيتانيك، ليس هناك ما يضمن أنك ستنزل إلى هناك لأن هناك الكثير من المتغيرات، بعضها من صنع الإنسان، والبعض الآخر من الطبيعة، وأحيانا يجتمع بعضها مع البعض".
تجاهل بواعث القلق
في الفيلم الوثائقي، يمكن سماع راش وهو يتجاهل مخاوف سابقة بشأن الغواصة، وقال إن أحد أفراد الطاقم أخبره أن هناك "دويا عاليا حقا" بينما كان تيتان على سطح المحيط في مهمة سابقة.
ورد راش مخاطبا طاقمه بالكامل في الفيلم الوثائقي لعام 2022: "تجاهل المخاوف.. كل غواصة في أعماق البحار تقريبا تصدر ضوضاء في مرحلة ما"، مشيرا إلى نارغوليت (المستكشف الذي توفي معه في الغواصة الشهر الماضي) قائلا إنه "يستطيع أن يشهد أن هذا أمر طبيعي".
كان ذلك في نفس الفيلم الوثائقي الذي اعترف فيه راش بأنه "انتهك بعض القواعد" لصنع تيتان، وقارن نفسه بالجنرال الأميركي دوغلاس ماك آرثر، قائلا: "أود أن أُذكر كمبتكر. أعتقد أن الجنرال ماك آرثر هو الذي قال إنك تتذكر القواعد التي تخالفها".
وتابع: "لقد كسرت بعض القواعد للقيام بذلك. أعتقد أنني كسرتهم بالمنطق والهندسة الجيدة ورائي".
يذكر أن العديد من التقارير ذكرت أن هناك مخاوف متعلقة بالسلامة تم تقديمها أكثر من مرة إلى شركة "أوشين غيت" بشأن الغواصة تيتان، إلا أنه تم تجاهلها، حتى وقع ت الكارثة الأليمة.