اختار المخرج والمنتج البريطاني، ريدلي سكوت، تصوير مشاهد الجزء الثاني من الفيلم الشهير "غلادياتور" في مدينة ورزازات (جنوب شرق المغرب)، بمشاركة مجموعة من نجوم السينما العالمية، أبرزهم دينزل واشنطن وبيدرو باسكال.
وتستقطب ورزازات صناع السينما العالمية لتوفرها على استوديوهات ضخمة وفضاءات طبيعية وبنايات تحتية سينمائية، إلى جانب الطقس المشمس الذي يوفر إنارة مناسبة للتصوير.
وقد ساهم اختيار المدينة الملقبة "بهوليود أفريقيا" لتصوير هذا الفيلم العالمي في خلق المئات من مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة في مجالات ومهن مختلفة.
عودة الصناعة السينمائية
ويجمع المهتمون بالصناعة السينمائية على أن اختيار ورزازات لتصوير فيلم "غلادياتور 2" أو غيرها من الأفلام السينمائية من شأنه إعادة البريق لهذه المدينة التي لطالما شكلت وجهة رئيسية لشركات الإنتاج السينمائية العالمية، وإعطاء دفعة قوية لقطاع السياحة بعدما عانى بشكل كبير جراء تداعيات جائحة "كوفيد 19".
يقول الفاعل المدني بالمنطقة إدريس أسلافتو: "بفضل غلادياتور2 فقد عادت الحياة من جديد لـ"هوليود أفريقيا"، بعد أن عانينا طويلا في ورزازات من أزمة كورونا".
ويضيف إدريس في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية": "لقد أعاد هذا الإنتاج السينمائي البسمة إلى أبناء المدينة كما أن العديد ممن كانوا قد هجروها بحثا عن عمل وفرص جديدة في مدن أخرى، قرروا العودة إلى ورزازات من أجل الالتحاق بطاقم "غلادياتور 2".
ويؤكد المتحدث أن هذا العمل السينمائي الضخم، مكّن من خلق ما لا يقل عن 4000 منصب شغل، حيث التحق الكثير من أبناء المنطقة بطاقم "غلادياتور 2" كممثلين كومبارس فيما عاد بعضهم لامتهان حرف مرتبطة بصناعة الأفلام، إلى جانب إتاحة الفرصة لطلبة المعهد المتواجد بالمدينة والمختصص في مهن السينما للتدرب على يد فريق عمل عالمي.
إشعاع عالمي
وكشفت الأصداء الواردة من ورزازات أنه بات من الصعب إيجاد غرف فندقية منذ أن حل الطاقم الكبير لفيلم "غلادياتور 2" من تقنيين وفنيين وغيرهم، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تحريك العجلة الاقتصادية وفي انعاش الحركة السياحية بالمدينة، وجر معه دينامية على مستوى المطاعم والنقل السياحي وعدد من المهن والحرف التي عانت لفترة طويلة من الركود.
وفي هذا الصدد، يعتبر الفاعل والخبير السياحي الزبير بوحوت، أن فيلما من حجم “غلادياتور" والذي انطلقت الاستعدادات لتصويره منذ بداية السنة الجارية، سيلعب دورا مهما على المستوى السياحي وفي تحريك العجلة الاقتصادية، من خلال المساهمة في إنعاش عدد كبير من المهن وتنشيط الخدمات المرتبطة بالسياحة.
ويقول بوحوت في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن تواجد ممثلين من حجم واشنطن دينزل وغيره من النجوم العالميين في ورزازات سيعطي مزيدا من الإشعاع للمدينة، وسيجذب لها السياح من مختلف بقاع العالم.
ويوضح المتحدث أن حلول طاقم تصوير هذا الفيلم بورزازات قد تزامن مع فترة تنظيم ماراثون الرمال الذي شارك فيه 1600 شخص، مما أدى إلى خلق ضغط كبير على الفنادق، حيث تجاوز العرض الطلب.
ويشدد بوحوث على أن العودة المكثفة للسياح الدوليين واستقطاب أكبر المنتجين السينمائيين إلى ورزازات يجب أن يواكبه العمل على تعزيز البنية التحتية السياحة بالمدينة، لاسيما وأن جزءا من الفنادق المتواجدة بها اضطرت تحت وطأة أزمة كورونا إلى غلق أبوابها.
هوليود السينما الأفريقية
ويعد المغرب قبلة للمنتجين العالميين، حيث بلغت مداخيل تصوير الأفلام الأجنبية 667 مليون درهم خلال سنة 2019، واستحوذت ورزازت على حوالي النصف من هذه المداخيل.
ويعد فيلم "لورانس العرب" للمخرج البريطاني ديفيد لين، والذي تم تصويره سنة 1960 في ورزازات، الانطلاقة الفعلية للصناعة السينمائية العالمية في المملكة.
ومن بين الأعمال السينمائية العالمية التي جرى تصويرها أو مشاهد منها في ورزازات، فيلم "الرجل الذي سيصبح ملكا" للمخرج شون كونكري، و"ندون" لمارتن سكورسيزي، و"المومياء" و"لعبة التجسس" وفيلم "المصارع" الذي جرى تصويره سنة 2000..
ويعتبر الزبير بوحوت أن من بين العوامل التي جعلت ورزازات جاذبة لصناع السينما العالميين، الإضاءة الطبيعية والمناظر المتنوعة والمآثر التاريخية، إلى جانب العنصر البشري المؤهل في مجال السينما والعناصر التقنية المهنية.