بالفيلم الروائي الطويل "وداعا جوليا"، استطاع كل من المخرج السوداني الشاب محمد كردفاني والمنتج أمجد أبو العلا، صناعة الفرق في تاريخ السينما السودانية.
وذلك بعد سنوات من العمل والاجتهاد ليتمكنا من حجز مقعد للسودان ولأول مرة في تاريخها في مهرجان كان.
في قاعة "ديبي سي" بمهرجان كان السينمائي الدولي، بفرنسا، كان الحدث سودانيا بامتياز يوم السبت، عندما صعد أبطال الفيلم لأول مرة على خشبة القاعة للتقديم الفيلم الذي عرض في إطار مسابقة "نظرة ما" والتي تعتبر من بين أهم مسابقات مهرجان كان.
لقد شكلت تلك الصورة لمجموعة من الشباب السوداني يرتدون أحلى الملابس التقليدية، عنوانا خاصا للتحدي وإصرار السودان على المضي قدما رغم أوضاع الحرب التي لا تزال تحاصرها.
فمنذ إعلان المدير التنفيذي لمهرجان كان السينمائي تيري فريمون، عن قائمة الأفلام التي ستشكل برنامج مسابقات الدورة الـ 76 للمهرجان "من 17إلى 27 مايو 2023"، اتجهت الأنظار إلى فيلم "وداعا جوليا" بوصفه واحدا من أبرز الأفلام المنتظرة هذه السنة.
طبول الحرب كانت تقرع
تدور حكاية الفيلم حول قصة مطربة سودانية، متزوجة من رجل غني في السودان، تقوم باستضافة سيدة تتحدر من جنوب السودان في بيتها، في محاولة للتخفيف من تأنيب الضمير.
وقد جسد الأدوار الرئيسية في الفيلم كل من الممثلة المسرحية والمغنية إيمان يوسف والممثل السوداني نزار جمعة والممثلة وعارضة الأزياء سيران رياك.
عن هذه التجربة يتحدث منتج الفيلم أمجد أبو العلا لموقع سكاي نيوز عربية، قائلا:
- إنها المرة الأولى في تاريخ السينما السودانية التي نشارك فيها مهرجان كان.
- على المستوى الشخصي هي تجربة مميزة في حياتي.
- لقد كان الأمر حلما وتحقق بفضل تضافر جهود الشباب السوداني العاشق للفن السابع.
- يعتبر الفيلم، ملحمة للأمل وللمستقبل وسط تحديات الأوضاع السياسية التي تعيشها السودان اليوم.
- إنجازه بهذا الشكل، يوحي بأن المستقبل الفني للسودان لا يزال قائما وأن الغد سيكون أفضل لا محالة. خاصة في ظل الظروف الصعبة التي واجهت صناع الفيلم كما يوضح أبو العلا.
- صورنا في ظروف سلسلة رغم أوضاع الحرب والاحتجاجات
- لم تكن الحرب قد اندلعت عندما صورنا في ديسمبر لكننا كنا نشعر بأنها قدامة في آي لحظة
- إنجاز هذا الفيلم هو مغامرة حقيقية وكبيرة عشناها بعزيمة وإرادة وتحد.
أمة بأكملها ترغب في الانقسام
بالنسبة لفريق الفيلم، فإن حكاية "جوليا" وتفاصيل السيناريو الذي يحاول قراءة الأوضاع في السودان من عدة زوايا تاريخية وسياسية واجتماعية هو أمر يستحق المغامرة، وذلك بعد أن تحرك مخرج العمل نحو كتابة سيناريو الفيلم، تحت تأثير نتائج استفتاء 2011، الذي صوت فيه حوالي من 99 % من الناخبين لصالح انفصال جنوب السودان.
يقول كردفاني إنه شعر لحظة إعلان نتائج الاستفتاء، بتوقف الحياة، وأن هناك شيئا كبيرا قد وقع للسودان.
في لحظة واحدة أعلنت أمة بأكملها أنها ترغب في الانقسام.
بهذا الشكل حاول الفيلم معالجة العديد من القضايا الحساسة التي يعاني منها السودان من القبلية والعنصرية والتحيز.
يعتبر أمجد أبو العلا اليوم واحدا من أبرز صناع السينما العربية، منذ أن حاز كمخرج جائزة "أسد المستقبل" لـ "مهرجان البندقية فينيسيا السينمائي الدولي عن فيلمه" ستموت في العشرين".
واليوم يعلن مهرجان كان عن ميلاد مخرج واعد، إسمه محمد كردفاني، قادم إلى السينما من عالم الطيران.
وقد قدم كردفاني قبل إخراجه لهذا الفيلم، العديد من الأفلام القصيرة منها "ذهب ولم يعد" عام 2015 وفيلم" نيركوك".