أدرج المغرب استخدام شريحة منع الحمل؛ بمثابة تقنية جديدة في مجال تنظيم النسل، ضمن الخطة الوطنية المتواصلة لتنظيم الأسرة، في مسعى لتعزيز حقوق النساء فيما يتعلق بالصحة الجنسية والإنجابية.
وكشف وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، عن إطلاق مشروع مجتمعي، يسعى لاعتماد شريحة تُزرع في الكتف لمنع الحمل، وتعد من إحدى وسائل منع الحمل المتطورة التي شُرع العمل بها في المغرب.
وأوضح المسؤول الحكومي، قبل أيام في البرلمان، أن هذه "الشريحة أو الكبسولة تُزرع تحت جلد المرأة لتقليل فرص حدوث الحمل"، مضيفا أن "مدة صلاحيتها تصل إلى 5 سنوات".
ولفت وزير الصحة والحماية الاجتماعية، في حديثه بالبرلمان، أن "معدل الولادات في المغرب يشهد انخفاضا، إذ انتقل من 31 إلى نحو 14"، فيما يتجه الهرم السكاني المغربي في السنوات الأخيرة نحو الشيخوخة.
نجاعة كبيرة
وأفاد الطبيب الباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، أن الشريحة التي تحدث عنها وزير الصحة والحماية الاجتماعية، "هي مجرد قطعة من البلاستيك المَرِن بحجم عود الثقاب بطول 4 سنتميترات وسمكها لا يتعدى 2 ميليمتر".
وتابع حمضي، في تصريحه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أن الشريحة "توضع في ذراع المرأة تحت الجلد عن طريق عملية بسيطة جدا يجريها الطبيب المعالج أو تجرى في أي مركز صحي ولا تتطلب وقتا طويلا".
وأوضح المصدر نفسه، أن "دورها إطلاق هرمونات مماثلة لهرمون البروجستيرون باستمرار، والذي يمنع بالأساس الإباضة في رحم المرأة، وبالتالي لا يقع الحمل؛ لأن فعاليتها تصل إلى 99.9 في المائة لمنع الحمل، ومعناه أن فعاليتها تماثل باقي وسائل منع الحمل الأخرى".
على هذا الأساس "تصلح هذه التقنية لبعض النساء اللائي يُمنعن من حبوب منع الحمل، أو زرع اللّولب الرّحمي، أو النساء اللواتي ينسين أخذ حبوب منع الحمل في وقتها، والنساء المُنحدرات من مناطق نائية بعيدة عن المراكز الصحية ويصعب عليهن التنقل للتزود بحبوب منع الحمل من هذه المراكز بانتظام"، يضيف الطبيب الباحث.
ترسانة كبيرة من الوسائل
واعتبرت رئيسة الجمعية المغربية للصحة الانجابية (غير حكومية)، اعتماد متواضع، أن "برنامج تنظيم الأسرة في المغرب من أنجح البرامج التي وضعتها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية".
وقالت متواضع، في حديثها لـ"موقع سكاي نيوز عربية": "عندما كان معدل الخصوبة يتجاوز 7، أعطى الملك الراحل الحسن الثاني تعليماته لإحداث برنامج وطني لتنظيم الأسرة في المملكة".
وبذلك يعد هذا البرنامج "إرثا كبيرا لتنظيم الأسرة، إذ يساهم في النمو الاقتصادي وازدهار المجتمع، ويساعد النساء والأزواج على تنظيم أسرهم وبرمجة حياتهم"، تردف المتحدثة.
وذكرت الطبيبة الأخصائية في طب النساء والتوليد، بأن "وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وضعت ترسانة كبيرة من وسائل منع الحمل، تعززت مؤخرا بهذه الشريحة؛ وهي كلها وسائل مجانية تزودها المراكز الصحية في كل مناطق المملكة".
وأشادت رئيسة جمعية المغربية للصحة الانجابية، "بهذه الخطوات المهمة التي تقوم بها الوزارة لتقريب أحدث وسائل تنظيم النسل للنساء، على اعتبار أن هذه الوسيلة قد يصل ثمنها إلى 200 دولار في الدول الأوروبية، وفي المغرب توفرها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالمجان، في إطار المجهودات التي تقوم بها في مجال الصحة الانجابية".
شيخوخة الساكنة وتقييم البرنامج
وكانت هناك توصيات للجنة برلمانية بمراجعة تنظيم الأسرة الذي تعتمده المملكة، لأنه لم يخضع لأي تقييم منذ تفعيله لما يزيد عن 4 عقود، في وقت يتجه فيه الهرم السكاني المغربي نحو الشيخوخة مع تراجع معدل الولادات.
وكشفت اللجنة البرلمانية، في تقرير سابق لها، أن عدد المسنين الذين تتجاوز أعمارهم 60 سنة سيرتفع من أكثر من 3 مليون نسمة سنة 2014 إلى أزيد من 10 مليون مرتقبة عام 2050.
ويسجل رئيس الشبكة المغربية للحق في الصحة والحق في الحياة (غير حكومية)، علي لطفي، أن "المغرب مضى في خطوات كبيرة منذ السبعينات والثمانينات في برامج النسل والولادة، وحقق الآن نتائج إيجابية جدا"، لافتا إلى أن "هناك مؤشرات ديموغرافية تثير أسئلة كبيرة، خاصة حول زحف الشيخوخة على المجتمع المغربي".
وأضاف لطفي، في إفادته لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "المغرب يعرف تحولا سكانيا كبير وملحوظا على مستوى المؤشرات، ويتعلق الأمر بمعدل المواليد الجدد الذي كان مرتفعا في بداية الستينات والسبعينات إلى حدود الثمانينات، بينما يعرف اليوم تراجعا كبيرا".
ويرى الناشط في القطاع الصحي، أن "السبب ليس بيولوجيا دائما، على غرار وسائل منع العمل التي تدخل في برنامج تنظيم النسل، لكن كذلك هناك عوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية".
في هذا السياق، "أدى تحسن الوضع المعيشي لعدد من المغاربة، إلى تقلص عدد المواليد الجدد في مقابل ارتفاع معدل العمر المتوقع عند الولادة، وانخفاض معدل الوفيات لدى المغاربة"، بحسب المصدر ذاته.