فجر يوم آخر يحرك خيوطه إيقاع الحياة المتدفق في هذا الزقاق نحو مغارة الحليب، والتي تسمى أيضا مغارة المعجزات.
يهرول الناس نحو المغارة، تراتيلهم، صلواتهم، وحشمة الإيمان في لباسهم، حملوها في قلوبهم وجاؤوا من قارات العالم ليطلقوها أمام مغارة الحليب، ملجأ السيدة العذراء من بطش هيرودوس بأطفال بيت لحم .
على حائط المغارة الخارجي تختزل الحكاية، نقش للقديس يوسف النجار عندما جاءه الأمر برؤية أن أخرج من بيت لحم إلى أرض مصر خوفا على الطفل يسوع من سيف الملك هيرودوس.
وعلى يسار المدخل نقشت عملية الهروب إلى مصر الأمان، وبينهما مدخل المغارة حيث اختبأت مريم العذراء وطفلها عليهما السلام ويوسف النجار قبل الهروب.
وقال الأب رامي دبابنة، راعي كنيسة اللاتين في بيت لحم: "بقطرة من حليب مريم عليها السلام ابيضت جدران المغارة، بحسب الرواية المسيحية، وأصبحت حجارتها تختلف عن حجارة المحيط ومن هنا بدأ الإيمان الذي شكل المعجزات، معجزات توالت فعززت ايمان كل زائر حمل قصته وجاب العالم.
وأضاف: "في هذه الغرفة المجاورة للمغارة مئات الرسائل لأناس لجؤوا لحلول السماء بعد أن عجزت حلول الأرض، رسائل نساء قال لهن العلم إنكن لا تنجبن فآمن بحلول السماء وشربن من مسحوق جدران المغارة الجيرية فكانت المعجزة وتحقق حلم الأمومة والأبوة، وآخرين نخرت الأمراض أجسادهم فتم الشفاء بقدرة الإهية.
وأكمل: "مغارة الحليب الواقعة في كتف كنيسة المهد على بعد مئة متر جنوبا مرت بمراحل بناء وتوسيع في كل حقبة تعاقب عليها حتى أصبحت ما هي عليه اليوم، إنها كنيسة مغارة الحليب ذائعة الصيت في العالم .
من جانبه، قال أشرف شاهين، الباحث في التاريخ المسيحي ببيت لحم: من فتحات تتعامد مع السماء تضاء المغارة ومن شموع من جاؤوا برجاء الشفاء تشعر بالحرارة وممن حملوا ثمار معجزات المغارة وجاؤوا شاكرين لله على نعمته تضخ الحياة فيها ففي قلب كل زائر هنا طلب".
وأضاف: لا ينقطع دبيب أقدام الزوار إلى المغارة طوال النهار، مسلمين مسيحيين عربا وأجانب كل واحد منهم عنده رجاء وطلب وكل طلب ورجاء تستطيع أن تستشعر عمقه من عمق نحته على جدران المغارة لينهل منها حبة تراب يخلطها بماء ويشربها لعل الله يأمر بمعجزة شفاء في جسده.
والقليل من بيت لحم لا ينضب وإن كانت نوافذه صغيره، فحيثما كان الإيمان كان نهر عطاء الخالق، فكنيسة المهد هذه يزورها الملايين سنويا كلهم جاؤوا لينحنوا عند مدخلها تسليما بقدرة الله وقدره وبطوق النجاة القريب ولو كنت في منتصف المحيط فهكذا كان في قصص إبراهيم وعيسى وموسى ويوسف وإبراهيم ومحمد عليهم السلام ضاقت حلقات الدنيا عليهم وعندما استحكمت عليهم فرجها الله بمعجزة .