شهد لبنان منذ 3 سنوات سلسلة من الاضطرابات المالية والسياسية، ترافقت مع خطر صحّي ناجم عن انتشار وباء كوفيد-19، ليأتي انفجار مرفأ بيروت ويقضي على ما تبقى من الشعور بالأمان لدى اللبنانيين وخاصة الأطفال.
فهذه الأحداث المتلاحقة وتعقيدات الوضع اللبناني جعلت الجيل الصاعد يكبر في "كنف أزمات" لا تنتهي، ما أثر سلباً على الصحة النفسية لهذه الفئة التي تعتبر من "الأقل تحصيناً" في المجتمع.
وهذا الوضع استدركته وزارة التربية اللبنانية بالتعاون مع اللجنة الوطنية اللبنانية للأونيسكو، من خلال إطلاق "الهيئة العامة للصحة النفسية في المدارس"، التي تهدف إلى مساعدة التلاميذ على تخطي المحن التي مرّوا بها.
الهيئة العامة للصحة النفسية
وتقول هبة نشابة، وهي المنسق العام للهيئة الوطنية للصحة النفسية، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الأزمات المتتالية في لبنان جعلت الأطفال يعيشون في "دوامة" من الصدمات، ما أثر على صحتهم النفسية، الأمر الذي استدعى تحركاً سريعاً، مضيفة "وبما أن المدرسة هي المكان الذي يمكن من خلاله الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال، أتى إنشاء "الهيئة العامة للصحة النفسية في المدارس" التي ستوفر خطة مستدامة للصحة النفسية".
وبحسب نشابة فإن عمل الهيئة الجديدة سيشمل جميع الصفوف وهي ستحاول مساعدة الطلاب لكي يكونوا أصحاء بنفسياتهم وحياتهم اليومية، مشيرة إلى أن الهيئة لا تزال في المراحل الأولى من عملها، وهي لن تكتفي بالأنشطة بل ستقوم بمبادرات هادفة، وستركز على نشر الوعي حول أهمية الصحة النفسية في المدارس، من خلال الوزارات والمؤسسات المعنية، كما انها ستتدخل حيث تدعو الحاجة للمساعدة في خلق جيل محمي نفسياً.
معاناة 50 في المئة من الأطفال
وتضيف نشابة، وهي الأمين العام للجنة الوطنية للأونيسكو، أن "البعض قد يتساءل حول كيفية تأثير الانهيار الاقتصادي على الحالة النفسية لصغار السن، ولكن الجواب يحضر ببساطة من رؤية هؤلاء الصغار لطوابير لا متناهية أمام المصارف ومحطات الوقود وأفران الخبز، حيث أنه وفي الكثير من الأحيان يكون أهالي هؤلاء الصغار جزءاً من الطوابير"، مشيرة إلى أنه وبحسب تقرير لليونيسف فإن نحو 50 في المئة من أطفال بيروت الذين عايشوا انفجار المرفأ لا يزالون يعانون من الصدمة.
سياسة حماية التلميذ
من جهتها، قالت مديرة الإرشاد والتوجيه في وزارة التربية اللبنانية هيلدا خوري، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه بعد الأزمات التي مر بها لبنان، قامت الوزارة بعدة مشاريع هدفها تحسين البيئة المدرسية منها "سياسة حماية التلميذ في البيئة المدرسية" ومشاريع أخرى، مشيرة إلى أن الخط الساخن لوزارة التربية يستكمل عمله في تقديم الدعم النفسي الاجتماعي للتلامذة، ويتابع الحالات عندما يتعرض التلاميذ لأي نوع من العنف.
وكشفت خوري أنه بالإضافة الى إطلاق "الهيئة العامة للصحة النفسية في المدارس"، فقد بدأت وزارة التربية بالعمل مع منظمة اليونيسف للتحضير لسياسة الصحة النفسية في البيئة المدرسية بالتكامل مع باقي السياسات الموجودة لما في ذلك من أهمية كبرى في تأمين بيئة مدرسية آمنة وصحية.