حاملا في جعبته تراثا ضخما ونادرا من فن الملصقات السينمائية المعروفة بـ"الأفيش"، يدعو الباحث والناقد السينمائي المصري سامح فتحي، بإصرار لإقامة متحف للسينما حتى يضع فيه ما حرص على جمعه خلال ربع قرن من حياته.
يقول فتحي، لموقع "سكاي نيوز عربية"، "جمعت 2500 ملصق منذ عام 1933 حتى الآن، وهي نسخ أصلية رسمها أهم فناني الأفيش في تاريخ السينما، وجميعها نسخ من الطبعة الأولى".
فن "الأفيش"
السينما المصرية التي ظهرت عام 1907، واكبت ظهور الصناعة في الغرب بسنوات قليلة، كما تملك التجربة المصرية تراثا فنيا تجاوز 3600 فيلم روائي طويل وعشرات الآلاف من الأفلام القصيرة والوثائقية.
ترتبط صناعة السينما بصناعة فن "الملصق السينمائي"، أي الرسوم الخاصة بتقديم الفيلم وتسويقه وتوثيقه، وقضى الباحث سامح فتحي أكثر مِن ربع قرن مِن عمره في جمع وتوثيق هذه الصناعة.
امتدت اهتماماته لكل تفاصيل الفن السابع، مِن بينها امتلاكه لكل مطبوعات المجلات والصحف الفنية خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين، مثل الأعداد السنوية لمجلة الكواكب، والطبعات الأولى للأعمال الروائية التي كانت مصدرا لأشهر الأفلام.
مؤخرا، أطلق فتحي نداءه، مطالبا الجهات المعنية بصناعة السينما، وعلى رأسها وزارة الثقافة المصرية، بتحقيق حلم إقامة متحف السينما للحفاظ على كل تراث الفن السابع الذي يمثل تأريخا موثقا للحياة المصرية.
رحلة طويلة شاقة
لم يكن جمع التراث السينمائي بالعمل الهين، فيوضح فتحي: "طفتُ عددا كبيرا من الدول، مثل تونس والأردن ولبنان والعراق وألمانيا وأميركا، وقضيت سنوات عمري لشراء تلك النسخ التي كانت تحت يد التجار في دول العالم، ومعظم ملصقات السينما في مرحلة الثمانينيات اشتريتها من تجار داخل مصر، هذا العمل كان شاقا ومكلفا ومجهدا لأقصى حد".
من جهوده للتوثيق كذلك، وضع كتاب "أفيشات السينما" لرصد مراحل تطوره وأهم فنانيه.
في سبيل تحقيق حلمه بعمل متحف للسينما، قام بحفظ كل الوثائق في صور رقمية بالأحجام الطبيعية، مضيفا أنه يحتفظ بعدد 1400 "بروز بوك"، وهو عبارة عن كتيب صغير، كان يتم توزيعه في دور العرض، يتضمن كل ما يتعلق بالفيلم وأغنياته، وصور نجومه، وامتلك عددا كبيرا لأفلام عبدالوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وشادية.
وعن محاولات إنشاء المتحف يقول: "تواصلت مع مسؤولي وزارة الثقافة، لكن لم أجد آذانًا مصغية، وأهديت 5 ملصقات لأفلام نجيب محفوظ كي يتم وضعها في متحفه، ومع الأسف لم يتم عرضها ولم أجدها".
وحول إقامة معارض لتلك المقتنيات، يذكر فتحي أنه بالفعل أقام معارض في مهرجان قرطاج لأفلام يوسف شاهين، وفي مهرجان الجونة أقيم معرض لأفلام إحسان عبدالقدوس، ومعرض آخر ضمن فعاليات المهرجان القومي للسينما، ومهرجان القاهرة السينمائي، ومعرض لأفلام الكوميديا وأعمال الفنان محمود حميدة على هامش مهرجان الإسكندرية السينمائي.
سامح فتحي ناقد وباحث سينمائي، صدرت له عدة كتب منها "أفضل مائة فيلم"، وتُرجم إلى الإنجليزية، و"إحسان عبد القدوس بين الأدب والسينما".
وحول البدايات، يروي فتحي أن "والدي له الفضل في حبي للسينما واهتمامي بتلك الزاوية في الصناعة، وفي صباي كنت أرتاد دور العرض وأشاهد العمال وهم يعلقون الأفيشات، فجذبني هذا العالم، ومن عمر 12 سنة بدأت في جمعها".