تتجه الجزائر، أخيرا، للإفراج عن فيلم "بن مهيدي" للمخرج بشير درايس، الذي يحكي قصة الشهيد البطل العربي بن مهيدي، وذلك بعد أربع سنوات على منعه.
وأكد المخرج والمنتج الجزائري بشير درايس في تصريح خاص لموقع سكاي نيوز عربية، أنه توصل إلى اتفاق نهائي مع وزارتي الثقافة والمجاهدين، يسمح بعرض الفيلم على الجمهور العريض في أجل أقصاه شهرين.
نهاية جدل التحفظات
ويتوقع درايس تقديم العرض الأول للفيلم شهر يناير القادم، وذلك بالتزامن مع إحياء مئوية ميلاد الشهيد العربي بن مهيدي (1923-1957)، قبل أن ينطلق في رحلته إلى المهرجانات العالمية والعربية.
وعبّر المخرج عن شعوره بالسعادة لإتخاذ وزارة الثقافة لهذا القرار، وقال: "إنها العدالة بعد سنوات من الظلم، لم يكن هناك ما يمنع العرض، قمت بالرد على جميع الأسئلة والاستفسارات التي طرحت بخصوص الفيلم".
وفي سنة 2018، تبنت السلطات الجزائرية، قرار منع عرض فيلم "العربي بن مهيدي" الذي صدر عن مركز الدراسات والبحوث حول الحركة الوطنية.
ووجهت وزارة المجاهدين ملاحظات قاسية للمخرج، حملت أكثر من 50 تحفظا يخص طريقة تناول الفيلم لقصص المجاهدين الجزائريين، خاصة الزعماء الراحلين على رأسهم الرئيسين الراحلين محمد بوضياف وأحمد بن بلة.
وطيلة الفترة الماضية،جلس المخرج عدة مرات على طاولة النقاش مع وزارتي الثقافة والمجاهدين، من أجل التوصل إلى حل يقضي بعرض الفيلم، وإنهاء الجدل حول التحفظات المرفوعة.
وقام درايس بحذف العديد من المشاهد وإعادة تصوير بعضها، وقد وجد نفسه ملزما بإصدار 12 نسخة من الفيلم قبل أن يصل إلى النسخة النهائية التي سيتم عرضها رسميا.
وقال درايس: "لقد طالبت وزارة المجاهدين بحذف عدة مشاهد رأت فيها أنها مثيرة للجدل ولا تخدم صورة الشهيد البطل ولا رفاقه في الكفاح، وقد استجبت لمعظم الملاحظات المعقولة، تم حذف بعض المشاهد دون تشويه الفيلم".
قصة العقل المدبر للثورة
وتدور قصة الفيلم (سيناريو مراد بوربون وعبد الكريم بهلول) وبطولة الممثل الجزائري "خالد بن عيسى"، حول حكاية البطل الجزائري الشهيد العربي بن مهيدي، والذي يلقب بحكيم الثورة الجزائرية، والعقل المدبر لثورة أول نوفمبر.
وانطلق المخرج في تصوير الفيلم سنة 2015، في "فيلا سيزيني" الشهيرة بالجزائر العاصمة، والتي استخدمها المستعمر الفرنسي كمركز لتعذيب المجاهدين الجزائرين، وعلى رأسهم بن مهيدي الذي أقتدى إليها بعد اعتقاله سنة 1957.
وتوقع الجميع عرض الفيلم سنة 2018 بالتزامن مع مرور الذكرى الـ65 لاستشهاد العربي بن مهيدي، ليعلن المخرج في ذلك الوقت، وبشكل مفاجئ تأجيل العرض إلى أجل غير مسمى بسبب الخلافات حول مضمونه.
شقيقة بن مهيدي تتابع
وقد أثارت ملاحظات وزارة المجاهد حول الفيلم الكثير من الجدل والنقاش، وإن إنضمت شقيقة الشهيد، زهرة بن مهيدي، إلى طابور منتقدي الفيلم.
وواجهت شقيقة الشهيد، ظريفة بن مهيدي، المخرج بالنواقص الموجودة في السيناريو، ولكنها عادت في الأخير للتأكيد على أن المخرج قام بتصحيح الأخطاء.
وبخصوص النقطة الخلافية والتي تتعلق بإبراز الفيلم لخلافات قادة الثورة فيما بينهم خاصة خلافات أحمد بن بلة مع بن مهيدي قالت ظريفة بن مهيدي: "كلمة حق، كانت هناك خلافات بين أحمد بن بلة والعربي بن مهيدي، هذه ثورة عارمة وفيها عدة أشخاص ولا يمكن أن يكون هناك توافق دائم بينهم".
يذكر أن ميزانية الفيلم بلغت نحو 650 مليون دينار جزائري (3 ملايين يورو)، مولته وزارة المجاهدين بنسبة 29 بالمئة ووزارة الثقافة بنسبة 40 بالمئة وباقي التمويل من شركات خاصة وعامة إضافة إلى تمويل خاص من مخرج العمل السينمائي.