تُعتبر نباتات "البوسيدونيا" البحرية أو "الضريع" كما تسمى في تونس ثروة بيئية هامة، حيث تزود مياه البحر بالأوكسجين وتثبت قاع البحر وتلعب دور كاسرات أمواج داخله، غير أن هذه الأعشاب البحرية أصبحت عرضة للتلف في السنوات الأخيرة، حيث يلفظ البحر كميات كبيرة منها بسبب النشاط البشري العشوائي وتلوث المياه.
ويوصي خبراء البيئة ومنظمات حماية الطبيعة بالحفاظ على نباتات "البوسيدونيا" وتثمينها و الاستفادة منها حتى بعد موتها وخروجها على الشواطئ عندما تتحول إلى مادة خام لكثير من الأنشطة الاقتصادية البحرية.
وأكد مدير تهيئة واستصلاح الشريط الساحلي في وكالة حماية الشريط الساحلي، مهدي بالحاج، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن البوسيدونيا "تعد أهم نبتة في البحر الأبيض المتوسط وتمتد على مساحات شاسعة تحت الماء ومن خصائصها توفير الأوكسجين وسط البحر وكسر الأمواج العاتية كما أنها تعمل بواسطة عروقها على المحافظة على الرمال من التيارات البحرية وتساهم في التوازن البيئي".
وأضاف أن نباتات "الضريع" تحتاج مثل أي كائن حي لظروف ملائمة للحياة ولمحيط نظيف من البلاستيك والتلوث "مما جعلها تتعرض في السنوات الأخيرة للتلف وتموت في قاع البحر ثم تخرج بكميات كبيرة على الشاطئ"، داعيا للعناية بها عبر إعادة زرعها.
وأوضح مدير تهيئة واستصلاح الشريط الساحلي أن تونس "تعمل اليوم على توظيف هذه النباتات في إطار الاقتصاد الأزرق حيث يمكن تحويل بقايا "الضريع" إلى مواد تجميل أو إلى مخدات تعمل على تحسين التنفس وغيرها من الاستعمالات الناجعة"، مشيرا إلى أن "الاقتصاد الأزرق في البلاد سيشمل مستقبلا كل ما له علاقة بالأنشطة البحرية خاصة وأن تاريخ قرطاج منذ ثلاث آلاف سنة كان مبنيا على الأنشطة الاقتصادية والتجارية البحرية".
وبدأت تونس في إطار مشاريع التعاون مع إيطاليا في إعادة زرع "البوسيدونيا" في قاع البحر في خليج قابس جنوب البلاد وهو من أكثر الأماكن التي تحتوي على ثروة سمكية وتتعرض للتلوث.
وأكدت الباحثة في معهد علوم البحار منية البور، في تصريحات للموقع، أنهم بدؤوا العمل على تثمين بقايا "البوسيدونيا"، التي يلقيها البحر الأبيض المتوسط في تونس ليتم استغلالها في قطاع البناء حيث "يمكن تحويل أوراقها إلى عازل حراري وصوتي، كما تستعمل أيضا لصناعة الورق البيولوجي ولاستخلاص مواد صيدلية وتجميلية فضلا عن الاستفادة منها في مجال الزراعة كأسمدة بيولوجية".
وأضافت الباحثة أن تونس في حاجة لمراجعة القوانين المتعلقة بالتصرف في ما يلفظه البحر في المجال الاقتصادي لمنح المستثمرين دافعا للإقبال على الاقتصاد الأزرق خاصة و أن نباتات "البوسيدونيا" تتوفر بكميات كبيرة في منطقة حوض المتوسط وتعتبر نباتا مميزا للمنطقة حتى أنها تسمى برئة المتوسط بسبب ما توفره من أوكسجين وهي بمثابة حديقة للبحر وغذاء للأسماك ومنبعا للحياة البحرية.
يشار إلى أن ربع أنواع نبات "البوسيدونيا" تعيش في المتوسط وتمتد على أكثر من مليون هكتار من قعر البحر، من قبرص إلى إسبانيا، وبين أوراقها تضع الأسماك بيضها كما تعتبر واحدة من أهم مصادر تزويد الأوكسجين في المياه الساحلية، حيث تبين الدراسات أن النبتة تنتج من 14 إلى 20 لترًا من الأوكسجين في المتر المربع الوحيد كل يوم.