تحتضن مدينة مراكش جنوبي المغرب، وعلى مدار خمسة أيام، "المهرجان الوطني للفنون الشعبية" في نسخته الـ51، الذي يستمر من الأول وحتى الخامس من يوليو المقبل، بمبادرة من وزارة الثقافة وجمعية الأطلس الكبير.
وستشارك خلال هذه الدورة من المهرجان، التي اختار لها المنظمون شعار: "أغاني وإيقاعات خالدة"، 34 فرقة شعبية من المغرب، إلى جانب فرقة من إسبانيا وأخرى إفريقية مختلطة.
وتأتي فعاليات الدورة 51 من المهرجان الوطني للفنون الشعبية بمراكش، بعد سنتين من توقف التظاهرات الثقافية والفكرية والفنية، مما سيعيد نوعا من الدفء للفرق الشعبية المغربية.
أقدم مهرجان وطني
وعن أهمية هذه الدورة من المهرجان، قال رئيس جمعية الأطلس الكبير ومدير المهرجان، محمد الكنيدري: "الدورة هذه من المهرجان الوطني للفنون الشعبية، ستكون مميزة بالنظر إلى المشاركة المكثفة للفرق الشعبية والفلكلورية".
وأضاف الكنيدري في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "نحو 600 فنانة وفنان من مختلف مناطق المملكة سيحيون الفعاليات، من بينهم 200 فنانة وفنان من مدينة مراكش".
وبيّن أن "فعاليات المهرجان ستنطلق باستعراض جماعي للفرق المشاركة من شارع محمد الخامس، فيما سيقام العرض الرسمي للمهرجان يوميا في قصر البديع التاريخي، على أن تقدم العروض الفنية الموازية طيلة أيام المهرجان بساحات جامع الفنا والحراثي ومنتزه مولاي الحسن".
كما أشار رئيس جمعية الأطلس الكبير، أن "المهرجان يعتبر أقدم مهرجان ثقافي وفني في المغرب، إذ أسس بتعليمات من الملك الراحل محمد الخامس في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، وكانت تنظمه وزارة السياحة عن طريق المكتب الوطني المغربي للسياحة".
وارتأى المنظمون للمهرجان أن تكون إسبانيا ضيف شرف هذه النسخة من المهرجان المقام بالمدينة الحمراء مراكش، وهو ما أوضحه الكنيدري قائلا: "لكي نبين للفرق المغربية أهمية تراث الفنون الشعبية التي يشتغلون بها، نستضيف فرقا من خارج المغرب، لكي تعكس قيمة الفنون الشعبية في بلدانها، ووقع الاختيار على فرقة إسبانية لإضفاء نكهة فنية".
ولفت الكنيدري إلى أن "عددا من الفنون الشعبية الموسيقية مشتركة بين المغرب وإسبانيا، على رأسها موسيقى الآلة أو الموسيقى الأندلسية. تتوخى هذه الدورة من المهرجان، باستضافتها إسبانيا، إحياء التراث المشترك بين البلدين، إضافة إلى أن الفن والتراث يمكنهما أن يساهما في التقارب بين الشعبين أكثر".
ويسعى المنظمون أن يمثل هذا المهرجان الهوية الثقافية للمغرب، وجسرا للتعريف دوليا بما تزخر به كل منطقة من حيث ما تمثله الفرق المشاركة من تقاليد ومختلف اللهجات والعادات.
وحول دور المهرجان الثقافي، قال الإعلامي والباحث في التراث الموسيقي المغربي، أنس الملحوني، إن "هناك مجهودا جبارا بذله كل من تعاقب على تدبير إدارة المهرجان، الذي يربط جسور الماضي بالحاضر".
وذكر الملحوني أن هذا المهرجان يعد "محطة فنية تخلق حركية فنية وثقافية خلال أيام انعقاده، وينتظرها سنويا ابن المدينة، والسائح المغربي، وكذلك السائح الأجنبي، الذي لا يخفي انبهاره من هذا الكم الهائل من التجليات الثقافية الفنية".
وقال الملحوني في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "الفنون الشعبية المغربية، تتميز بكونها غاية في الروعة والجمال، مركبة عناصرها على مستويات عدة، من بينها: اللغة، والهندام، والحركات الجسدية، والغناء، والآلات الموسيقية، والأنماط الفنية الغنائية".
ترويج سياحي
ويعد المهرجان الوطني للفنون الشعبية إحدى ركائز مراكش، على المستوى السياحي، وهو ما أوضحه الخبير في المجال السياحي، الزبير بوحوت والذي قال في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "المهرجان يشكل فرصة حقيقية لجلب الزوار لمراكش من داخل المغرب وخارجه، خصوصا الذين يرغبون في التعرف على الفنون الشعبية المغربية، واللوحات الإبداعية لمئات الفنانين الذين يمثلون مجموعة من المدن المغربية".
وتابع بوحوت قائلا: "يعكس المهرجان التراث اللامادي المغربي، إذ يشهد مشاركة الفرق الشعبية المغربية بلباسها التقليدي وأهازيجها وعاداتها، ما يمكن السائح الأجنبي والمحلي من التعرف في مدة قصيرة على التنوع الثقافي المغربي".
واختتم الخبير السياحي حديثه قائلا: "فعاليات المهرجان فرصة سانحة للترويج لمدينة مراكش كوجهة سياحية، بدأت مؤخرا تتعافى من تداعيات الإغلاق جرّاء كورنا، وبدأت تحقق أرقاما مهمة في النشاط السياحي".