تكتظ شوارع بغداد بملايين السيارات، رغم تهالك البنى التحتية وقلة عدد الطرق المعبدة، وسط دعوات لإيجاد حلول سريعة مثل بناء مدينة اقتصادية جديدة، أو اعتماد وسائل النقل العام، لمواجهة هذا التكدس الهائل.
وتشير إحصاءات عراقية إلى أن بغداد وصلت إلى مرحلة الاختناق بسبب عدد السيارات فيها، مقارنة بعدد الشوارع المعبدة داخل المدينة، التي بلغت نحو 892 كيلومترا فقط.
وذكرت دراسة نشرها مركز "عراق المستقبل" أن "كفاءة الشوارع المعبدة المستخدمة بحدود 65 بالمئة، فضلا عن وجود نقاط التفتيش الأمنية التي تضيق على المركبات، بالإضافة إلى استخدام جزء من الطرقات كمواقف لصف للسيارات".
وأفادت الدراسة أن "الكثير من شوارع العاصمة بغداد ما زالت مغلقة، بينما بلغ عدد السيارات بها نحو 3.6 ملايين سيارة، وبنسبة زيادة سنوية تبلغ 2 بالمئة، فيما تبلغ الحاجة إلى نحو ألفي كيلومتر من الطرق المعبدة، 1200 كيلومتر منها في المركز".
حلول سريعة
وأكد الخبير الاقتصادي منار العبيدي على "ضرورة تقنين إدخال مركبات جديدة، سواء كانت سيارات أو عجلات ثلاثية الإطارات أو دراجات نارية، والعمل على بناء مدينة إدارية خارج بغداد، ونقل كل الوزارات والهيئات الحكومية إليها لتقليل الضغط على الشوارع الحالية خصوصا في ساعات الذروة، مع تقسيم ساعات العمل في الجهات الحكومية والعمل على تنفيذ أوقات عمل صباحية ومسائية في مختلف الهيئات والوزارات الحكومية لتقليل استخدام السيارات ساعة الذروة".
ويرى العبيدي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أهمية "إعادة العمل بالنقل الجماعي والحافلات الكبيرة، وإدخال المزيد منها إلى الخدمة، فضلا عن بناء جسور جديدة تربط بين الكرخ والرصافة التي تشهد أكبر قدر من الزخم المروري، إضافة إلى إنشاء جسور وأنفاق من شأنها تقليل تأثير التقاطعات".
وتابع الخبير الاقتصادي العراقي: "على الحكومة إيقاف منح تراخيص بناء لبنايات تجارية أو سكنية من دون توفر مواقف سيارات أرضية داخل البناية، بهدف امتصاص الضغط على الشوارع".
وفي مسعاها لتخفيف الازدحامات المرورية في بغداد، أعلنت وزارة التخطيط العراقية مؤخرا عن مشروع لإنشاء عاصمة إدارية جنوبي المدينة مقابل مدينة بسماية، وعلى مساحة تبلغ 50 كيلومترا مربعا، وسينقل نحو 85 بالمئة من المؤسسات الحكومية إليها.
وبحسب وزارة التخطيط، فإن العاصمة الجديدة ستحتوي على مجمع حكومي متكامل، سيسهم في إحياء المنطقة وتقليل الازدحام داخل العاصمة، فضلا عن تسهيل الإجراءات للمواطنين، لأن جميع المؤسسات ستكون ضمن رقعة جغرافية واحدة، وبالتالي سيسهل تنقل المواطنين بينها.
القطار المعلق
وفي ظل الضغط على الجهات الحكومية لإنقاذ بغداد من الازدحام، أعلن وزير النقل ناصر حسين الشبلي، السبت، تخصيص ملياري دولار في موازنة عام 2022 لمشروع القطار المعلق.
وهذا المشروع الاستراتيجي الحيوي، انطلقت فكرته منذ عام 2003، لكنه يتلكأ كل مرة بسبب التخصيصات المالية والخلافات بشأنه، فضلا عن تردي الأوضاع الأمنية.
وقال الشبلي في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، إن "وزارة النقل وبعد أن أحيل هذا المشروع إليها طلبت إدراجه في موازنة عام 2022، وأدرج هذا المشروع مع مخصصات بلغت ملياري دولار من قبل وزارة المالية"، مشيرا إلى أن "الوزارة تنتظر تصديق الموازنة للبدء بتوقيع العقد".
وفي عام 2007، أعلن أمين بغداد الأسبق صابر العيساوي تخصيص مليار دولار لهذا المشروع، ثم أضيف إليه ملياران إضافيان.
وإثر ذلك، استحدثت شعبة جديدة في مبنى أمانة بغداد، وهي المسؤولة عن نظافة العاصمة وجماليتها، متخصصة بمشروع المترو، لكنها لم تستمر بسبب عدم توفر السيولة المالية.
وفي عام 2021، قال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إن "الفرنسيين سيدعمون مشروع مترو بغداد"، وقد أصدرت الرئاسة الفرنسية بيانا أكدت فيه هذا التصريح.
ويعتمد العراقيون بنسبة تقترب من 100 بالمئة على النقل الخاص، وهذا يشكل أزمة كبيرة، وسط دعوات للاهتمام بالنقل العام ليصل قرابة 50 بالمئة.