واجهت الأعمال الدرامية الرمضانية في العراق، جملة متاعب وصعوبات، تمثلت بالملاحقات القضائية وبيانات الاستنكار والتنديد من جهات دينية، ووصل الأمر إلى تهديدات وُجهت لبعض القنوات الفضائية.
وبدا هذا الموسم الفني في العراق غزير الإنتاج، والمنافسة شديدة على جذب المشاهدين فيما يخص قضايا الأعمال وأماكن التصوير والوجوه الفنية وعدد الحلقات.
وبرزت الأعمال الكوميدية والاجتماعية والسياسية على خريطة الدراما العراقية، وبعضها يأتي كجزء ثان بعد عرض جزئها الأول الموسم الماضي.
اعترضات عديدة
لكن هذا الموسم، لم يخلُ من المنغصات، إذ عارضت جهات دينية، وفصائل مسلحة، بعض المشاهد، واعتبرتها مسيئة، فيما واجهت بعض الشخصيات الإعلامية، والفنية، دعاوى قضائية، انتهى بعضها، والآخر ما زال قيد المحاكم.
وواجه الإعلامي أحمد ملا طلال والفنان إياد الطائي دعوى قضائية من قبل وزارة الدفاع، بسبب مشهد تمثيلي، تطرق إلى الفضائيين في الجيش العراقي، وهو ما أدى إلى إيقاف برنامج الإعلامي ملا طلال، بناءً على طلب وزارة الدفاع.
وأفرجت محكمة استئناف بغداد الكرخ الاتحادية، الأحد الماضي، عن طلال والطائي، بعد الشكوى التي تقدمت بها وزارة الدفاع.
وأصدرت وزارة الداخلية بيانا استنكرت فيه أحد المشاهد ووصفته بـ"الانحطاط الأخلاقي"، وذلك بعد عرض ضابطة في وزارة الداخلية تتعرض للتنمر من قبل زملائها في العمل، عبر الاستخفاف بها، والتقليل من قيمتها، كونها امرأه، وذلك خلال أحد المشاهد، من مسلسل "وطن".
وقالت وزارة الداخلية في بيان إنها "لاحظت مشهدا يظهر فيه المؤدون بمظاهر ضباط شرطة، يعمدون خلال الحوار بينهم إلى الإساءة للمنظومة الأخلاقية للمؤسسة الأمنية".
وأضافت أن المتحاورين "ينتقصون من عمل المرأة في وزارة الداخلية، من خلال حديث أحدهم البعيد عن مبادئ وزارة الداخلية ووصفه لضابطة شرطة بوصف يعبر عن مدى الانحطاط في الأخلاق الذي تضمنه الحوار للعمل آنف الذكر".
وقالت: "وزارة الداخلية ومن خلال توجيهات وزيرها ومسؤوليها كافة، تؤكد على إعلاء وتثمين دور المرأة العاملة في الوزارة، والذي لا يقل أهمية عن عمل أخيها الرجل وتكن لها كل احترام وتقدير وثناء".
جاءت الكوميديا على رأس الأعمال الفنية هذا الموسم، إذ يشاهد العراقيون مسلسل "حامض حلو" الذي يضم كوكبة من نجوم الفن العراقي، في موسمه الثالث.
كما برز العمل الكوميدي "قط أحمر" بموسمه الثاني، ومن تأليف أحمد وحيد، الذي يمثل فيه دور البطولة، فضلا عن العمل الكوميدي المشترك بين ممثلين عراقيين وسوريين، وهو "أنا والمديرة"، ويشترك فيه آلاء حسين وإياد راضي من العراق، وأيمن رضا، وجيني إسبر من سوريا.
نقاش محتدم
ويحتدم النقاش في الساحة الفنية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن محتوى تلك الأعمال، والأفكار المطروحة فيها، ففي الوقت الذي رأى فيه نقاد أنها لم تتضمن شيئا جديدا وملفتا، رأى آخرون أن بعضها حقق نجاحا لافتا.
لكن على الضفة الأخرى، تجري النقاشات بشأن مساحة الحرية، الممنوحة لكتّاب السيناريو، والمخرجين، في تجسيد أعمالهم، خاصة في ظل وجود اعتراضات من جهات دينية، ومجموعات مسلحة، على بعض المشاهد والأفكار.
وقول كاتب السيناريو أحمد هاتف إنه "على رغم غياب الرقابة على العمل العراقي؛ لكن هناك حساسية سياسية، وعقائدية، واجتماعية، ففي كل مجتمع هناك محظورات يجب المراوغة عنها، أو عدم التطرق إليها بشكل مباشر".
وأضاف هاتف في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "هناك خطوطا حمراء لا يمكن للكاتب كسرها أو تجاوزها، وهذا الأمر يضيّق من الحرية، لكن في النهاية على الكاتب أن يكون ذكيا في التعبير عن تلك المسائل، دون الوقوع في المحظور".
وأشار إلى أن "رفع سقف الحريات لدى الكاتب سيرفع من قيمة العمل، لأنه يوسع من مساحته، ويزيد مفرداته، وبالتالي فإن الحرية في العمل مؤثرة جدا، فهناك بعض الأعمال في البلدان الأخرى يتناول الكاتب موضوعه بكل دقة وتفاصيل، لكننا لا نستطيع فعل هذا، لذلك نلجأ أحيانا إلى زوايا معينة لمعالجتها خوفاً من الصدام مع الآخر، لأننا لسنا جهة مسلحة، أو حزبا، بل كل ما نمتلكه هو الكلمة".
المجموعات المسلحة تتدخل
ودخلت المجموعات المسلحة، على خط الاعتراضات، بعد عرض مسلسل "وطن" مشهدا يظهر فيه رجل دين شيعي، يرتدي عمامة، وهو بجانب أحد المسؤولين، يبرر فيه سفك الدماء، ويفسر آيات من القرآن بما يتوافق مع سلوك المسؤول الذي أمامه.
وندد الوقف الشيعي، بهذا المشهد، وأصدر بيانا قال فيه إنه "قد احتوى عددا من الرسائل المسيئة بشكل صارخ لا يمكن تبريره باتجاه الهوية الدينية لأبناء الشعب العراقي وبشكل واضح التقصّد المسبق، تمثّل أولها بالإساءة الواضحة للقرآن الكريم، والإساءة للحوزة العلمية ورجالاتها، ولعموم أتباع مذهب أهل البيت في العراق، فضلاً عن الترويج للجريمة".
وهددت فصائل مسلحة باقتحام مكتب القناة التي عرضت المسلسل، بينما أرسلت الحكومة العراقية، قوة أمنية، يوم الأربعاء، إلى الموقع المستهدف تحسباً لأي حادثة اقتحام.