تكاد مطاعم العاصمة العراقية بغداد ومقاهيها والأماكن الشعبية تكتظ بروّادها، مع حلول شهر رمضان، في ظل استتباب الأوضاع الأمنية وانحسار تأثير فيروس "كورونا".
وتشهد مناطق وسط بغداد، مثل الكرّادة والدورة والمنصور واليرموك، فضلًا عن المقاهي الرئيسية والمواقع العامة، زحامًا شديدًا ووجودًا مكثفًا للمواطنين، سواءً للنزهة بعد الإفطار، أو السمر حتى ساعات الفجر الأولى، فضلًا عن بقاء الكثير من المساجد مفتوحة.
ومبعث ذلك، الاستقرار الأمني، الذي تشهده المدينة، وتمكّن القوات الأمنية مِن التضييق على عناصر تنظيم "داعش" واعتدال الطقس، فضلًا عن أعمال التأهيل التي جرت خلال الأشهر الماضية في عدد من المواقع المهمة.
ففي مدينة الكرّادة، وسط العاصمة بغداد، حيث تزينت شوارعها بالمنشورات الترحيبية بالشهر الكريم، حيث يأتي إليها الكثير من سكان المناطق المحيطة بها، لما تتمتع به من أجواء جميلة ووجود الكثير مِن المطاعم والمقاهي، ومحال بيع البوظة (آيس كريم)، فضلًا عن الحدائق المطلّة على نهر دجلة.
الشّاب إيهاب الشمري، من سكنة العاصمة، قال إنّ "أغلب الشباب يتجهون بعد الإفطار إلى المقاهي والكازينوهات، المطلّة على نهر دجلة، لتناوُل المشروبات الساخنة أو الباردة، فضلًا عن لعب الدومنة أو غيرها".
ويُضيف الشاب العراقي، في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "الأجواء في العاصمة تشهد ازدحاما شديدًا وذلك رغم النكد السياسي وتأخير تشكيل الحكومة، إذ نسعى إلى الخروج من هذه البوتقة ونسيان ساكني المنطقة الخضراء ومشاكلهم".
ويلفت إلى أن "رمضان هذا العام، له طعم آخر، بسبب قلة الإصابات بفيروس كورونا، واعتدال الطقس أيضًا، في ظل درجات الحرارة التي كانت تشهدها المواسم السابقة".
أما في منطقة المنصور، وهي من الأحياء الراقية التي تضم محلات كبيرة لبيع الملابس، وفيها عدد من المراكز التجارية والمولات، فضلًا عن المطاعم اللبنانية التي فُتحت أخيرًا، إذ تُمثّل هذه المنطقة وجهة مفضّلة للراغبين بالتبضّع وتوفير حاجات رمضان، مثل المواد الغذائية والمستلزمات اليومية، فضلًا عن وجود عدد من المقاهي والمواقع الجميلة.
وشهدت أغلب مناطق بغداد، خلال الأشهر الماضية، بعض أعمال التأهيل والإكساء وفكّ الاختناق وتنظيم الشوارع، غير أن ذلك لم يكُن بشكل كافٍ، واقتصر على عددٍ معينٍ من المناطق.
ويرى المواطن، محمد الجبوري (39 عامًا)، وهو صاحب أسواق في منطقة المنصور، أن "الوضع الأمني مستتب، وهناك مراقبة واضحة من قِبل السلطات للموقف، في ظلّ وجود أعداد هائلة من المواطنين، تدخل وتخرج بشكل يومي إلى المدينة"، مشيرًا إلى أن "ما يميز هذا الموسم الرمضاني، الخروج شبه الكامل، من تداعيات فيروس كورونا، وقلة الإجراءات الحكومية بهذا الشأن، وإن كان ذلك ليس صحيًّا بشكل تام".
ارتفاع الأسعار
وفيما إذا كان ارتفاع الأسعار بشكل عام أثّر على حركة التبضع، يرى الجبوري، في تعليق لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "الإقبال ضعُف بالفعل، لكن ليس بشكل كبير، خاصّةً أن المراكز التجارية والمولات يقصدها ذوو الدخل الجيّد، وهي لم تتأثّر كثيرًا بالأزمة الغذائية".
وفي شارع المتنبي، أشهر المواقع الثقافية في العاصمة بغداد، حيث تصطف محال بيع الكتب على جنباته، تبقى أنواره مشتعلة طوال الليل، وهي تستقبل المارة والراغبين بالجلوس في المقاهي المتعددة هناك، بعد حملة إعمار نفذتها جهات مستقلة بالتعاون مع أمانة العاصمة بغداد.
وقبل أسابيع افتُتح الشارع المشهور بمكتباته، بعد إعادة ترميم خضع لها، أتاحت له استعادة بعض مجده السابق.
ويعجُّ الشارع عادةً أيام الجمعة بالرواد، لا سيما الطلاب والشباب، وكذلك فنانو ومثقفو الجيل السابق.
وأُطلق على الشارع التاريخي في العام 1932 خلال عهد الملك فيصل الأول اسم الشاعر الشهير أبو الطيب المتنبي (915 - 965)، الذي ولد في عهد الدولة العباسية.
واتخذت أمانة بغداد، قرارًا بإبقاء الشارع وأنواره ومكتباته مفتوحة حتى ساعات متأخرة من الليل، مع تهيئة الظروف المناسبة لذلك.
وعلى الجانب الآخر، فإن عددًا من المساجد تبقى مفتوحة إلى أوقات متأخرة من الليل، وصولًا إلى ساعات الفجر، حيث تستقبل روّادها مِن المُصلّين والراغبين بزيارتها، خاصة المساجد المهمة مثل جامع عبد القادر الكيلاني وأبو حنيفة النعمان في منطقة الأعظمية، وقد تُغلق في بعض الأوقات على أن تفتح في وقت السحور فيما يقدّم بعضها وجبات للمصلّين.
وخفَّفت الحكومة العراقية، الإجراءات الوقائية الخاصة بمواجهة فيروس "كورونا"، مثل حظر التجوال وفرض ارتداء الكمامات في الأماكن العامة، في ظلّ انخفاض أعداد المصابين بهذا الفيروس، حيث سجلت وزارة الصحة 266 إصابة فقط، الاثنين.