تجدد الجدل الذي أثاره إعلان المخرج المصري داوود عبد السيد اعتزال الفن، وذلك بعد قوله في لقاء مع فضائية "سكاي نيوز عربية بأن لم يعد له مكان في السينما لأسباب تخص مستوى الحرية الممنوح له ونوعية الجمهور القادرة على الذهاب للسينما.
وقال عبد السيد لبرنامج "السؤال الصعب" على شاشة "سكاي نيوز عربية" إن اعتزاله "أمر واقع"؛ لأنه لم يعمل منذ آخر أفلامه "قدرات غير عادية" في 2014، وأعرب عن عدم رضاه عن حجم الحرية المتاح، قائلا: "مع العلم أن كل الحرية في العالم لا تكفي المبدعين".
وأرجع ما وصفه بتراجع السينما إلى عجز أصحاب الدخل المتوسط عن متابعة السينما لغلو التذاكر، فصارت السينما "لا تهتم بتقديم أفلام تناقش همومهم، ولكن فقط للتسلية".
ورفض اتهامه بأنه لم يستطع مواكبة الجيل الجديد، مستشهدا بأن هذا الجيل كثير المتابعة التعليق على أعماله، وهو "الأكبر في إعجابه بأفلامي".
وردا على سؤال ما إن كان يقبل عرضا من منصات مثل "نيتفليكس" لإخراج أفلام، أجاب بالقبول "مع اعتبار حجم الحرية المتروكة للمخرج والمؤلف".
وقبلها بأيام قال عبد السيد لموقع "سكاي نيوز عربية" إن اعتزاله "لن يؤثر على ظهوره بالمهرجانات".
وسبق أن برر عبد السيد اعتزاله بـ"أن الوضع في السينما والإنتاج لا ينبأ بتغيير؛ إذ إن الجمهور أصبح يبحث عن التسلية وليس العمل الجيد".
من صنع الأزمة؟
وأعادت تصريحات المخرج المصري النقاش حول من وراء تدني أو رقي السينما، هل هو الجمهور أم شركات الإنتاج، وهل حقا أمثال عبد السيد لم يعد لهم مكان في السينما؟ وهو ما يجيب عنه فنانون ونقاد لموقع "سكاي نيوز عربية".
الناقد طارق الشناوي يقول إن "من خذل داوود ليس الجمهور، لكنه المناخ السيئ الذي يجب على الدولة مواجهته"، مؤكدا أن عبد السيد ما زال قادرا على العطاء، رغم سنه (75 سنة)، لأن الإخراج يحتاج لياقة إبداعية وليس جسدية.
واتفق معه الناقد محمود عبد الشكور بأن عبد السيد "مازال قادرا على العطاء، وربما أراد من قراره أن يحرك المياه الراكدة، ويلفت النظر لمشكلات السينما، ونجحت تصريحاته في فتح الملفات المغلقة" وتمنى أن تثمر اجراءات تنفيذية.
مدير التصوير محسن أحمد الذي قدم مع عبد السيد فيلم "الكيت كات"، يرى أن شركات الإنتاج تتحمل مسؤولية لعدم استعانتها بأًصحاب القيمة الفنية.
وتساءل: "أين محمد فاضل وجمال عبد الحميد وعمر عبد العزيز وهاني لاشين وغيرهم؟" معتبرا عدم الاستعانة بهؤلاء "اعتزال إجباري"، وطالب الدولة بالتدخل لحماية الفن المصري؛ لأن القرار الذي اتخذه عبد السيد يراود الكثيرين، والفن "لا يوجد به اعتزال".
الجمهور ليس السبب
ورفض الناقد محمد عبد الرحمن اتهام الجمهور بأنه وصل لمستوى لا يستوعب الفن الجيد، قائلا: "عبد السيد قيمة كبيرة، ولكن لا يجب أن يلقي سبب الاعتزال على الجمهور، والدليل الحضور اللافت للشباب خلال ندوة أقامها مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الأخيرة بمناسبة مرور 30 عاما على عرض فيلم الكيت كات".
وفي نفس الوقت اتفق في أهمية تدخل الدولة وشركات الإنتاج العريقة لدعم السينما والحفاظ على فنانين بقيمة عبد السيد.
وقدم عبد السيد أفلام مثل "الصعاليك" و"البحث عن سيد مرزوق" و"الكيت كات" و"أرض الخوف" و"مواطن ومخبر وحرامي"، و"رسائل البحر"، و"قدرات غير عادية".