نظرت محكمة مصرية في محافظة الجيزة، يوم السبت، في الاستئناف المقدم ممن بات يعرف بـ "دجال فيصل"، على حكم حبسه عامًا، بتهمة النصب على المواطنين والاستيلاء على أموالهم، حيث كان المتهم يستغل ضحاياه بادعاء وجود جن يسكنهم، ويوهم ضحاياه بأنه يعالجهن.
البداية كانت عندما أوهم المشعوذ ضحاياه بفك السحر، واستغل عدة أشخاص في حيله للنصب على المواطنين والاستيلاء على أموالهم، من خلال الإعلان عن أساليب الدجل والشعوذة على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية.
وألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على الدجال أيمن أبو سريع و3 دجالين آخرين، في حملة شنتها إدارة الأموال العامة، وذلك بتهمة النصب على المواطنين والاستيلاء على أموالهم في محافظات الجيزة، والغربية، والشرقية، وسوهاج.
ولم يكن "دجال فيصل" الحالة الأولى خلال الأشهر الماضية، ففي نهاية الشهر الماضي، تم ضبط تشكيل عصابي تخصص في الدجل والشعوذة داخل محافظة الشرقية.
رقم مفزع
في السياق ذاته يؤكد وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، أن ما يقرب من 63 في المئة من المصريين يؤمنون بالخرافات، وفقا للإحصائيات، مضيفًا أن 50 في المئة من النساء يؤمنن بالقدرة على حل مشكلاتهن باللجوء للمشعوذين، ويرجع ذلك لعوامل التنشئة الاجتماعية.
ويوضح استشاري الصحة النفسية، خلال حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مثل هذه الممارسات تعد من أنماط التفكير الخرافي الذي يؤدي لقناعة الإنسان بالشعوذة، فلا يوجد لدية التفسير العلمي والمنطقي لربط السبب بالنتيجة.
من جانبه يؤكد سويلم جودة، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن ظاهرة لجوء المصريين للدجالين والمشعوذين لا ترتبط بمستوى اقتصادي ولا اجتماعي، بل ترتبط بالوعي والمستوى الثقافي للفرد في المجتمع.
وأضاف سويلم، خلال تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن اللجوء للسحر والشعوذة أمر مرفوض دينيا ومجتمعيا كما أن العلم يقدم حلولا للمشكلات الصحية والنفسية بعيدا عن السحر والشعوذة.
أسباب ودوافع
في سياق متصل، علقت ريهام عبد الرحمن، وهي استشارية الصحة النفسية والإرشاد، على الدوافع النفسية والاجتماعية للجوء المصريين إلى الدجل والشعوذة.
وقالت ريهام عبد الرحمن، إن بعض الأفراد يلجؤون إلى السحرة والدجالين؛ بهدف الانتقام من أشخاص بعينهم، وهؤلاء الأفراد من الناحية النفسية يعانون من اضطرابات في الشخصية تمنعهم من مواجهة الأمور بالصبر والمرونة والصلابة النفسية والرضا بالقدر، فيلجؤون للدجل والشعوذة والاستعانة بالسحرة في حل مشكلاتهم "وليتها تحل".
وتؤكد استشارية الصحة النفسية والارشاد الأسرى، ضرورة التصدي لهذه المشكلة من خلال التأكيد على دور الأزهر الشريف والإعلام الديني والخطابة في توعية الناس بمخاطر السحر والانسياق وراء الدجل والشعوذة.
وتؤكد عبد الرحمن أن الدجل والشعوذة لم يظلا كما كانا في السباق؛ بل باتت منصات التواصل الاجتماعي منبرا لهؤلاء الدجالين وأصبحوا يطلقون على أنفسهم لقب "المعالجين الروحانيين" لاستقطاب الكثير والكثير من الضحايا والباحثين عن حل لمشكلاتهم النفسية والاجتماعية.
واستطردت "أصبح الدجل يأخذ أشكالا أخرى غير المتعارف عليها سابقا؛ وذلك من خلال الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وما يعرف بالسحر الأسود والذي يعد من أخطر أنواع السحر بالإضافة لسحر التفريق بين الزوجين".
وتشير ريهام عبد الرحمن استشاري الصحة النفسية إلي قرية تسمى بقرية السحرة في إحدى محافظات مصر؛ نظرا لانتشار الدجل والشعوذة بها كمثال علي مدى تعاظم الظاهرة.
ويتفق وليد هندي في هذا الصدد مؤكدا على وجود ٣٦٦ ضريح في محافظة سوهاج تذهب إليه النساء ممن تأخر إنجابهن تيمنا واعتقاد منهن أن بتلك الزيارة ستحل المشكلة.
دور فعال
وطالب ريهام استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسرى بضرورة التصدي لهذه المشكلة من خلال، التأكيد علي دور الأزهر الشريف والإعلام الديني والخطابة في توعية الناس بمخاطر السحر والسحرة والانسياق وراء الدجل والشعوذة.
وشددت على أهمية دور وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في تسليط الضوء على هذه الظواهر السلبية، إلى جانب تأكيد دور الأسرة في التربية.
وطالبت بضرورة وضع قوانين رادعه لكل من تسول له نفسه فعل هذه الأفعال السيئة من الدجالين والمشعوذين وأعوانهم للحد من هذه الآفة.