فوجئ رجل لبناني بسرقة ما لا يقل عن مليون ليرة من منزله، لكنه صدم لاحقا عندما تبين له أن ابنه يمارس ألعاب الميسر (القمار) على الإنترنت، ويسرق الأموال من البيت.
الأب الذي يعمل أستاذا جامعيا، قال لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه لمس انتشار القمار الإلكتروني في عدة مناطق داخل لبنان، ليدق ناقوس الخطر بشأن هذه الظاهرة المقلقة.
وتابع: "كانت المفاجأة أني اكتشفت العديد من المناطق اللبنانية تعيش نفس الظروف. تجرى المراهنات في مراكز الإنترنت في ظل الأزمة الاقتصادية والفوضى المستشرية، وتعمل تحت شعار المقاهي الشبابية".
وأضاف الأب: "يتقاضى أصحاب هذه المراكز الأرباح من خلال استخدام بطاقات سحوبات مصرفية خاصة بهم، وتستدرج المقاهي الشبان وتدخلهم إلى مواقع عالمية للقمار الإلكتروني من خلال بطاقات ائتمان، وفي حال الربح يتقاسم صاحب المقهى المبلغ مناصفة مع الرابح".
الوضع "خطير"
وقال رئيس بلدية الصرفند الساحلية الجنوبية علي خليفة، إن "الوضع خطير. اكتشفنا مع مجموعة من أبناء المناطق المجاورة أن السرقات تنشط في البيوت وبين أبناء الأسرة الواحدة، للحصول على المال والمشاركة في هذه الألعاب".
وأضاف خليفة لموقع "سكاي نيوز عربية": "صارت ألعاب الميسر في مقاهي الإنترنت بدلا من قاعات الكازينو، وأحيانا لدى المقتدرين في المنازل من خلال الهواتف المحمولة. طلبت المساعدة من أجهزة الأمن وتواصلت مع رئيس جهاز الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم. وجهت النداء للمعنيين حتى لا يتحول الشباب في ظل هذه الأزمة إلى جيل من لاعبي القمار والميسر".
وكشف المسؤول المحلي عن مشاركة فتيات في المراهنات في بعض المناطق، مشيرا إلى أن "النتائج الوخيمة لهذه الممارسات قد تجبر المراهن على بيع أو سرقة محتويات منزل الأهل، وقد يتطور الأمر إلى القتل"، مطالبا وسائل الإعلام بتسليط الضوء على "الآفة الجديدة التي بدأت تطال كل الأعمار" وفق تعبيره.
ممنوعات على أنواعها
ووفق مصادر أمنية تحدثت لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن قوات الأمن "حجبت عددا من مواقع الإنترنت تديرها عصابات لبنانية تخصصت في لعب البوكر مقابل أموال، تدفع إما عبر حسابات إلكترونية في الخارج أو من خلال مواقع تحويل أموال لبنانية".
وترتفع الأصوات مطالبة شركة "أوجيرو" للاتصالات ومزودي خدمات الإنترنت بحصار مثل هذه المواقع، لكن في المقابل فإن أصحابها سرعان ما يبدلون أسماء مواقعهم، فضلا عن تخصيص بعضهم برامج تعمل بتقنية VPN لتشغيل المواقع من داخل مقاهي الإنترنت، التي صار بعضها أوكارا للمخدرات والكحوليات، بل والدعارة أيضا.
إدمان واستنزاف
وفي حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، اعتبرت الباحثة الاجتماعية وديعة الأميوني أن لعب القمار يمكن أن يقود إلى الإدمان.
وأوضحت: "يبدأ الشخص بلعب القمار للترفيه، لكنه يتحول الى الإدمان ثم يتم استنزافه بدفع أموال بهدف كسب أموال أكثر. إنه نوع من المغامرة الفاشلة التي تؤدي إلى خسارة على المستوى المادي، كما ينعكس ذلك سلبا على نفسية المدمن الذي يصير شخصا عنيفا، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى انتحاره بسبب الخسارة، أو اللجوء إلى السرقة وتعاطي المخدرات وشرب الكحول".
وعن أسباب الظاهرة قالت الباحثة الاجتماعية: "هي كثيرة، أبرزها ارتفاع نسبة البطالة والتفكك الأسري. ليست لدينا دراسات إحصائية لنعرف أعداد اللاعبين، لكن الظاهرة تنتشر بشكل لافت وتؤدي إلى خسارة المال".
وأضافت وديعة الأميوني: "للأهل دور فعال، فعليهم عدم تزويد الأولاد بالمال لشراء العملات الرقمية، وإخفاء المقتنيات الثمينة، والأهم المواجهة وإبراز الجانب المضر لهذه الآفة، واللجوء إلى اختصاصي للعلاج إن تطلب الأمر".
وختمت: "تتحمل الدولة المسؤولية أيضا، حيث يجب تخصيص لجنة ضمن إطار مكافحة الإدمان الإلكتروني الذي يغذي العنف ويؤدي إلى الانتحار أحيانا، وكذلك الإدمان الجنسي الإلكتروني الذي لا يختلف عن إدمان المخدرات. على الدولة حجب التطبيقات الرقمية ومواقع الميسر الإلكتروني من خلال قوانين ضابطة، وأن تراقب وزارتا الاتصالات والإعلام هذه المواقع والتطبيقات".