اقتحمت كلمة "جوارب" القاموس السياسي المغربي مؤخرا، واحتلت الصفحات الأولى للجرائد كما أصبحت موضوع الساعة تحت قبة البرلمان.
فمنذ نحو أسبوع، لا حديث إلا عن "التقاشر" (الجوارب بالعامية المغربية) في المشهد السياسي، بل أصبحت الكلمة تحتل صدارة منصات التواصل الاجتماعي، مخلفة سخرية عارمة.
وتعود فصول "أزمة الجوارب" إلى زيارة أجراها وزير العدل عبد اللطيف وهبي لمدينة تارودانت جنوبي المغرب، حيث خاطب المدير الإقليمي لوزارة الثقافة بنبرة صارمة.
وتداولت منصات التواصل مقطع فيديو لوهبي أثناء حضوره فعالية ثقافية، وهو يتحدث للمدير الإقليمي لوزارة الثقافة، حيث قال له بحدة: "أنا وزير العدل وكل المؤسسات تشتغل معي. أنا أعرف عنك كل شيء وأعرف حتى لون الجوارب التي تلبسها".
سجال في البرلمان
ووصلت أصداء الواقعة إلى قبة البرلمان، حيث نشبت مشادة كلامية بين الوزير ونواب خلال جلسة عمومية للأسئلة الشفوية بالمجلس، عشية الاثنين.
وبدأت الملاسنات بين وهبي والنواب، عندما طرحت برلمانية سؤالا بخصوص الحلول التي ستتخذها وزارة العدل لمشكلة المغاربة الذين لا يعرفون العربية في المحاكم، غير أن الوزير لم يستطع الإجابة مبررا ذلك باختلاف وتنوع اللهجات حسب المناطق.
وبلغت حدة النقاش ذروتها بين الوزير والنائب محمد أوزين عن الحركة الشعبية، عندما قال الأخير: "أتمنى من السيد وهبي، الذي بشرنا مؤخرا أنه يعرف جوارب المغاربة، أن يبين لنا أنه يعرف اللغة الرسمية لبلده".
وفي تعليق على هذا الجدل، قال أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة ابن طفيل في القنيطرة رشيد لزرق، إن "تصريح وزير العدل كان بمنطق بوليسي من خلال حديثه عن معرفة الجوارب التي يرتديها المندوب الجهوي، وكأنه يملك سلطة سرية تزوده بالمعلومات، الأمر الذي يناقض مبدأ دولة الحقوق والحريات".
وتابع لزرق في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "هذا الأمر يقتضي من وهبي تقديم اعتذار على تصريحاته، خصوصا أنه بدر من وزير العدل الذي من المفروض أنه مؤتمن على الحقوق والحريات".
الصحافة تنتقد
كما أثار تصريح وزير العدل جدلا في الصحافة المغربية، حيث قال مدير تحرير صحيفة "الأحداث المغربية" المختار لغزيوي في فقرة "ملحوظة" بالعدد الصادر الثلاثاء: "لا أدري ولا ندري جميعا في الحقيقة أي ذبابة لسعت وزير العدل في حكومتنا، السيد وهبي، وجعلته ينزل لمستوى الحديث عن التقاشر (الجوارب)، ومعرفته بطبيعة جوارب أي مواطن مغربي في هذا الوطن الأمين".
وتابع لغزيوي قائلا: "أنتم في المناصب التي وصلتم إليها لخدمة المواطن كل في القطاع الذي تكلف به، لا أقل ولا أكثر. ورجاء، السادة الوزراء والسيدات الوزيرات، دعوا عنكم تقاشرنا وملابسنا".
كما علق المحلل إسماعيل الحلوتي، في مقال بعنوان "عندما يخلط الوزير وهبي المساطر بالتقاشر"، طارحا تساؤلات عن "خلفيات الخطاب، الذي يؤنب من خلاله الوزير وهبي بأسلوب قاس وممزوج بنوع من التعالي والعجرفة مسؤولا أمام رئيسه المباشر".
وبيّن الحلوتي: "أنه ومهما حاولنا التغاضي عن هذه الفضيحة المزلزلة، فلا يمكن أن نلتمس العذر لمعالي الوزير بدعوى أن الأمر لا يعدو أن يكون زلة لسان غير مقصودة".
وختم تعليقه قائلا: "إن ما لا ينبغي أن يغيب عن ذهن وزير العدل عبد اللطيف وهبي وغيره من المسؤولين الحكوميين، هو أن المسؤولية ليس معناها استغلال المنصب في الاعتداء على المواطنين وهضم حقوقهم".