على ضفاف نهري دجلة والفرات، تمثل موائد شواء الأسماك منظرا معتادا لدى العراقيين، المحبين لخيرات نهريهما، إذ تمثل أكلة المسكوف العراقي، ركيزة أساسية في مطبخ بلاد الرافدين، بل ذاع صيتها في دول أخرى.
غير أن تلك المشاهد مهددة بالأفول، بسبب تأثير الأزمة المائية على بحيرات الأسماك، والتي من المتوقع أن يرافقها ارتفاع في الأسعار، وقلة في المعروض.
إيران وتركيا
وقطعت إيران طوال الشهور الماضية معظم الأنهار المتدفقة من أراضيها نحو العراق، الأمر الذي تسبب بجفاف شديد في معظم مناطق شرق البلاد، على الرغم من أن قرابة 40 نهرا متدفقا من إيران نحو العراق، هي أنهار دولية عابرة للحدود، وثمة اتفاقيات دولية تنظم حقوق الدول المشتركة في تلك الأنهار.
كما تراجعت كميات الماء المتدفقة من نهري دجلة والفرات والمئات من فروعها المتدفقة من تركيا، على مدار الأشهر الماضية، وهو ما دق ناقوس الخطر، تجاه إحدى الثروات في البلاد، وهي الثروة السمكية.
وفي هذا الإطار، أكد المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية، حميد النايف، أن "تناقص المياه أثّر بشكل سريع على القطاعين الزراعي والحيواني، فبعد أن أجهض على الخطة الزراعية، وخفضها إلى خمسين في المئة، ألقى بظلاله على الأسماك والبحيرات، التي ربما ستتوقف عن عملها وبالخصوص البحيرات على حافات الأنهر".
وأضاف النايف، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "وزارة الموارد المائية هي المختصة بإدارة ملف المياه، حيث قامت بإجراءات سريعة، مثل رفع التجاوزات على مجاري الأنهار، كما أصدرنا إنذارات للمتجاوزين على المياه، بضرورة رفعها، كي نتمكن من الاستفادة بالطريقة المثلى من المياه الواردة إلينا، وتخطي الأزمة".
وأكد المسؤول العراقي أن "المياه القادمة من إيران انخفضت بشكل مهول، حيث أصبحت محافظة ديالى شبه جافة، وفي حال عدم نزول الأمطار، خلال الأيام المقبلة، ستكون أشد جفاف، مما سينعكس سريعاً على الأسماك، ويؤثر على أعدادها، وقد تتناقص الكميات المنتجة منها، مما يعني اللجوء إلى المياه الجوفية في بعض المناطق".
ولفت إلى "ضرورة تعاون جميع الأجهزة ذات العلاقة لتنظيم المخزون السمكي، ومواجهة أي نقص قد يحصل خلال الفترة المقبلة".
توقف الإجازات
وخلال الفترة الماضية، أوقفت وزارة الموارد المائية منح إجازات جديدة لإنشاء بحيرات على نهري دجلة والفرات، سواءً العائمة أو الطينية، وذلك في مسعى لمواجهة الأزمة.
ويرى مختصون في الشأن الاقتصادي، أن هدف بعض الدول المجاورة من مسألة قطع المياه عن العراق، تأتي لأغراض أخرى، مثل تعزيز صادراتها، وإحداث ثغرة في السوق العراقي، بما ينعكس بشكل إيجابي على اقتصاداتها، خاصة وأن العراق اتخذ خطوات وازنة خلال الفترة الماضية، نحو إنعاش اقتصاده، وتفعيل موارده الداخلية.
وتمثل الثروة السمكية مصدراً مهماً من مصادر التنوع الاقتصادي في العراق، في بلد يسوده الاعتماد المفرط على النفط كمصدر دخل وحيد.
وتواجه الثروة السمكية جملة تحديات، فبالإضافة إلى انخفاض مناسيب المياه، فإن مشكلة الصيد الجائر وصلت إلى تهديد أنواع مشهورة على موائد العراقيين بالانقراض من نهري دجلة والفرات والبحيرات الأخرى، أبرزها الشبوط، والكُطان، والبُنيّ والزبيدي، وأثرت كذلك في البيئة المائية وتلوثها نتيجة استخدام السموم والمتفجرات.