في ضواحي باريس، تستقبل "ويمنز هاوس" التابعة لجمعية "يتوبيا 56" 7 مهاجرات قاصرات من مختلف دول إفريقيا منذ حوالي سبعة أشهر، وتوفر لهن المسكن والمأكل والأمان والدعم، وتحميهن من التشرد.
افتتحت جمعية "يوتوبيا 56" منذ أبريل الماضي 4 بيوت استقبال في مناطق مختلفة من إيل دو فرانس، لاحتضان المهاجرات القاصرات غير المصحوبات بذويهن.
وتتقاسم فتيات إفريقيات تتراوح أعمارهن بين 15 و17 عاما، تفاصيل الحياة اليومية تحت سقف واحد بمساعدة ثلاث منسقات ومتطوعتين من الخدمة المدنية.
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، قالت آنا التي تعمل منسقة بإحدى هذه البيوت: "نستقبل في كل بيت عشر قاصرات غير مصحوبات بذويهن كحد أقصى، رسبن في اختبار السن ولم يعترف بهن القاضي كقاصرات. وضع يحرمهن من أي حق أو مساعدة. وحتى لا يجدن أنفسهن في الشارع، نوفر لهن الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي والصحي إلى أن يبلغن سن الرشد".
وبفضل المساندة القانونية والتتبع الإداري، استطاعت عدة فتيات من المقيمات في "ويمنز هاوس" إثبات أنهن قاصرات، وحصلن على الحقوق القانونية التي توفرها فرنسا في هذه الحالة.
وتضيف آنا: "ما يميزنا ويجعل مركزنا فريدا هو استقبالنا للفتيات فقط. ورغم أن الفتيات تمثلن نسبة قليلة من الأطفال غير المصحوبين بذويهم بالمقارنة مع الذكور الذين يصلون إلى فرنسا وتحديدا إيل دو فرانس، إلا أنهن يتعرضن للخطر بشكل أكبر. نحن نعلم ما يحدث خلال مسار الهجرة، فهن تتعرضن للعنف والتحرش. وبالنظر إلى ماضيهن وما مررن به، يجب أن يشعرن بأنهن في مكان آمن، ولهذا تم تخصيص هذه البيوت للفتيات دون الذكور وتسيرها النساء فقط".
وعن الخدمات التي تقدمها "ويمنز هاوس"، تحدثت لموقع "سكاي نيوز عربية" بومبا مانينفلا، والتي لا يتعدى عمرها 17 عاما، والقادمة من كوت ديفوار، قائلة: "هنا تحترم خصوصيتنا. نعيش في البيت وكأننا بين أحضان عائلتنا التي تركناها وراءنا. لدي غرفة نوم أتقاسمها مع فتاة أصبحت تمثل لي أختا وصديقة. لدي خزانة صغيرة، ومساحة خاصة بي بعيدا عن أي مضايقات أو خوف من المجهول".
وتتشارك مانينفلا إدارة الحياة اليومية في بيت الاستقبال مع أربع فتيات أخريات، وتوزع الأعمال المنزلية بينهن وفق جداول أسبوعية بحضور منسقات تطوعن لخدمة هؤلاء الفتيات.
علاقة تشاركية
وبالنظر لعدم حصول هؤلاء المهاجرات القاصرات على أي مدخول مادي، تقول ماريون، وهي منسقة في "ويمنز هاوس": "نقوم برفقة الفتيات لتوفير المشتريات الأسبوعية التي يحتجنها. نؤهلهن وفق نظام جماعي داخلي لمواجهة الحياة بعد خروجهن من مراكزنا عندما يبلغن سن الرشد".
ورغم أن جمعية "يوتوبيا 56" لا تحصل على أي دعم مادي من الدولة، إلا أنها تحاول بمساعدة مركز أطباء بلا حدود، شريكها الرئيسي، تقديم دورات تدريبية للفتيات حسب احتياجاتهن.
وبالنسبة لماريون، يظل الالتحاق بالدورات التدريبية أمرا ضروريً للحصول على وضع مستقر ومستقل مستقبلا.
وتوضح أن الفتيات يخضعن لاختبار اللغة الفرنسية وبعض المهارات لتحديد مسارهن، مضيفة: "حسب نتائج الاختبار، يتوجه بعضهن إلى مراكز تعلم اللغة الفرنسية، وأخريات نبعثهن لمراكز التعليم مباشرة حيث يحصلن على دروس في العلوم واللغات وغيرها من المهارات والمعارف الضرورية".
وحول هذه النقطة تقول بومبا: "قدمت إلى فرنسا بلغة فرنسية ضعيفة، واليوم بفضل دروس الدعم أصبحت أستطيع التواصل مع محيطي بشكل أفضل، كما أنني أحصل على دروس في الرياضيات وسأبدأ لاحقا تدريبا مهنيا، قد يسمح لي بالحصول على استقلال مادي بعد خروجي من مركز الاستقبال".
وإلى جانب التعليم، تخصص المنسقات أيام نهاية الأسبوع للنزهات واكتشاف المدينة، حيث يعتبرن تلك النشاطات ضرورية لتحسين مزاج الفتيات، كما أن بعض الأنشطة الأخرى كورشات المسرح والرسم تعتبر فرصة لربط أواصر الود بينهن وبين المنسقات من جهة ومع محيطهن من جهة أخرى.