في استمرار لسلسلة المواجهات العشائرية في مناطق جنوب العراق، شهدت منطقة "سوق الشيوخ" التابعة لمحافظة ذي قار العراقية مواجهة عشائرية كبرى بعد خلاف بشأن مباراة لكرة القدم.
وأسفرت المواجهات العشائرية عن سقوط 3 قتلى، حتى الآن، بينما أصيب أكثر من 10 أشخاص، وامتدت المواجهة لأكثر من منطقة وناحية من المحافظة.
وقال شاهد العيان، حيدر الشهاوي، وهو من سكان المنطقة، في حديث لسكاي نيوز عربية كيف أن مباراة كرة القدم من نمط "الدوري الخماسي" كانت تعقد في الحي الشمالي من الناحية، وهذا النوع من اللعبة تعقد عادة في الصالات الصغيرة المغلقة، فحدث شجار بين شبان يحضرون المباراة، ما لبث أن توسع بخروج المتشاجرين إلى الشوارع المحيطة بالصالة، وتدخل المئات من أبناء عشيرتي الطرفين، وبدأ إطلاق الرصاص بعد أقل من ربع ساعة من بدأ الشجار الشخصي.
وتابع الشهاوي حديثه قائلا إن المئات من أبناء عشيرتي الشدود والكوام قد توافدوا إلى منطقة المواجهة، وصار الطرفان يتخذان "متاريس" متقابلة، مستخدمين الأسلحة الخفيفة والمتوسط، وبعد سقوط عدد من الضحايا من الطرفين، بدأت عملية إحراق المحال التجارية والمنازل التي يملكها أبناء العشيرتين، خصوصا المحيطة بنقطة الصراع الرئيسية.
وأوضح ضابط أمني من شرطة محافظة ذي قار لسكاي نيوز عربية كيف أن مسار المواجهة امتد لأكثر من 5 كيلومترات، من وسط منطقة "سوق الشيوخ" وإلى أحياء العكيكية، في الضفة الشرقية لـنهر الفرات، وهو أمر صعب من مهام الجيش والأجهزة الأمنية لتطويق المواجهة.
وأضاف الضابط إن أفواج الطوارئ ومختلف أقسام الشرطة والاستخبارات في محافظة ذي قار تدخلت مباشرة، واستدعت تعزيزات من فرق الجيش العراقي في محافظة ذي قار، اللواء 37 والفرقة التاسعة من الجيش.
وقال إن أعداد المتواجهين من الطرفين تجاوزت ألف شخص، وأن الأجهزة الأمنية اعتقلت العشرات من المنخرطين في الصراع، إلى جانب مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة التي تم العثور عليها أثناء التفتيش.
وأضاف أن المهمة الأمنية صعبة للغاية بسبب اندلاع المواجهة في أكثر من نقطة من المنطقة، في وقت لا تستطيع أية شخصية اجتماعية وأهلية من السيطرة على فورة المتواجهين.
وطالبت قيادة إدارية وشخصيات ثقافية ومدنية من محافظة ذي قار، بالذات من التيار المدني في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، رئاسة الوزراء وكافة الجهات المعنية التدخل الموسع والمباشر بأوسع شكل ممكن، لأن المواجهة التي امتدت لساعات وتم استعمال قذائف الهاون والرشاشات الآلية والقنابل اليدوية قد شلت الحياة تماما في تلك المنطقة، خصوصا مع بداية العام الدراسي الجديد، حيث صارت عشرات العائلات مشردة في الأرياف القريبة.
من الجدير بالذكر أن محافظتي ذي قار والبصرة العراقيتان الجنوبيتان هي مركز للصراعات العشائرية، التي تندلع لأصغر الأسباب وكنتيجة لأية خلافات شخصية بين أفراد العشائر المختلفة.
الباحثة الاجتماعية العراقية دعاء رهاونجي شرحت في حديث مع سكاي نيوز عربية أسباب تمركز هذه الصراعات في تلك المنطقة مع العراق بالذات "تقريبا ليس من حياة اقتصادية أو اجتماعية مدنية في كامل الجنوب العراقي، وهذا ناتج عن ضعف التعليم والتهميش الاقتصادي وتراجع التنمية الاقتصادية طوال السنوات الماضية، التي يمكن تسميتها بسنوات الجفاف العام".
وأضافت أن "هذا الأمر الذي كان يدفع القوى السياسية لأن تعزز المشاعر والولاءات والتنظيمات العشائرية، لنيل ولائها وأصواتها الانتخابية، دون أي سعي للحد منها قانونيا وسياسيا وتعليميا وأمنيا".