يسعى المغرب إلى الوصول لمراتب متقدمة في مجال السياحة، بجلبه ملايين السياح وتحوله إلى وجهة لا محيد عنها في خارطة الوجهات الكبرى.
ويجمع الخبراء على أن المغرب يزخر بإمكانيات هائلة ستمكنه لا محالة من بلوغ هدفه؛ فموقع المملكة كجسر بين أوروبا وإفريقيا، إضافة إلى توفر البنية التحتية العصرية، إلى جانب تنوعه الثقافي والجغرافي والمناخي، يؤهله لبلوغ هذه المكانة.
وأكد خبراء وفاعلون في المجال السياحي، الاثنين، أن المغرب، يتمتع بجاذبية للاستثمار في هذا القطاع، ويطمح للوصول في المستقبل القريب، كأفضل عشرين وجهة سياحية في العالم، مبرزين أن مميزات المغرب، الذي ينعم بالاستقرار ولا يبعد سوى ببضع كيلومترات عن الضفة الأوروبية، تجعل منه وجهة آمنة تحظى باهتمام المستثمرين في قطاع السياحة.
وقال حميد بن الطاهر رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة، في تصريح لوسائل إعلام مغربية، على هامش ندوة نظمت بالجناح المغربي، في المعرض العالمي "إكسبو دبي 2020 " تحت عنوان " يوم الاستثمار السياحي المغربي"، إن هناك بوادر إيجابية لإعادة إنعاش قطاع السياحة بالمغرب الذي تأثر على غرار قطاعات أخرى في العالم بتداعيات جائحة كوفيد-19، مؤكدا أن الجهود المبذولة في المملكة تروم استعادة القطاع لحيويته وضمان استدامته.
وتابع أن تطور القطاع السياحي بالمغرب، يعد بالكثير من فرص الشغل في المستقبل القريب، مشيرا إلى أنه تم خلال اللقاء، التعريف بالمؤهلات الجديدة التي يزخر بها القطاع في المملكة، لدى الفاعلين الكبار بالمنطقة، وإبراز تنافسيته.
تثمين المنتوج المحلي
في تعليقه على الموضوع، قال الخبير في السياحة والتسيير الفندقي، صلاح شكور، إن المغرب راهن على عدد من الأهداف الطموحة منذ سنة 2010، لكن هذه الأهداف لم تتحقق نظرا لعدم التزام الحكومتين السابقتين وضعف المواكبة.
واستطرد الخبير قائلا: "من الممكن اليوم التموقع في قائمة الوجهات العشرين إذا تضافرت الجهود والتزم المهنيون بتحسين المنتوجات المقدمة للسياح لا سيما إذا ركزوا اهتمامهم على جودة الخدمات، بالإضافة إلى تشغيل الأطر الشباب ذوو كفاءات عالية تستجيب لحاجيات ومتطلبات المستهلك الدولي والوطني".
صلاح شكور أكد في معرض حديثه لسكاي نيوز عربية، على "ضرورة الاهتمام بعلامة المغرب والارتكاز عليها وتوفير المنتوج المحلي والمجالي بطريقة مدروسة، وذلك بغاية الاستجابة لطلبات كل الفئات، حتى يتمكن الجميع من الاستفادة من العرض السياحي، كل حسب ميزانيته."
كما دعا للخبير في مجال السياحة إلى "الاهتمام بالسياحة الثقافية، وتثمين الطبخ المغربي الأصيل والصناعة التقليدية، وهي ركائز من الضروري وضعها في الواجهة وتدعيمها."
ضرورة هيكلة مهن السياحة
من جانبه أكد جمال السعدي، الخبير في مجال السياحة أن "ما عاشه قطاع السياحة خلال فترة الجائحة، هو شيء غير مسبوق في كل دول العالم. الوضعية صعبة للغاية وقد أحسسنا غير ما مرة بالإحباط."
واستطرد الخبير الذي اشتغل لأكثر من 40 عاما في الميدان: "مهن السياحة تعاني عموما من عدم الهيكلة وتفتقر لقوانين صارمة وواضحة تنظمها. أما القوانين المطروحة فهي غير كاملة وتنقصها قوانين تنظيمية لتوضيحها وتطبيقها."
ولفت السعدي في تصريح خص به سكاي نيوز عربية إلى أن القطاع يعرف متدخلين مختلفين يصعب حصرهم، مثل الفنادق والمطاعم والطيران ووكالات الأسفار والمرشدين السياحيين، وهو ما يجعل مهمة السلطات غير يسيرة. فهؤلاء يستعصي تأطيرهم في غياب قوانين وتشريعات مُحكمة، تُمكن من تحديد المسؤوليات ووضع الواجبات ورصد مكامن الخلل حتى يتم إصلاح أعطاب السياحة."
وأضاف جمال السعدي الرئيس السابق للجمعية الجهوية والوطنية للمرشدين السياحيين والرئيس السابق لفيدرالية المرشدين السياحيين بالمغرب، أن الحكومة المغربية مطالبة بالتدخل لإنقاذ القطاع، داعيا إلى تأهيل مهنة المرشد السياحي باعتبارها حلقة الوصل بين كل المتدخلين في القطاع.
الانخراط في "الديجيتال"
على غرار باقي القطاعات في المغرب، باتت السياحة تعتمد على "العالم الرقمي" والإعلانات الرقمية على نحو متزايد، مما يقدم للمسافرين عروضا متنوعة ويكفل لهم الاستمتاع بتجارب سياحية تستجيب لأذواقهم.
ويتم الاعتماد أكثر فأكثر على الرقمنة استجابة لانتظار المسافرين، الذين ما فتئ ارتباطهم بالأنترنت يزداد يوما عن آخر، حيث أصبحوا يفضلون اللجوء، لا سيما إبان الأزمة الصحية الراهنة، إلى المنصات الرقمية، كونها تراعي متطلباتهم وأذواقهم فيما يخص القرب ووضوح الرؤية، والسرعة، وخاصة الاختيار.
ويجمع مراقبون على أن "الديجيتال" أو العالم الافتراضي فرض تحولات جذرية على القطاع السياحي، ووحدهم الفاعلون القادرون على التكيف مع هذه البيئة الرقمية الجديدة سيكون بإمكانهم رفع تحديات القطاع بعد الجائحة واستقرار الحالة الوبائية في العالم.