ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق بحفل زفاف طفل عمره أقل من 11 عاما، شرقي بغداد، وسط حالة من الغضب بسبب انتشار الزواج المبكر وما يترتب عليه من آثار سلبية على المجتمع.
وبث المصور الشهير زهير العطواني، وهو مختص في تغطية الأعراس والعزاءات، حفل زفاف الطفل سجاد، من سكان منطقة البلديات شرقي بغداد، وهو من مواليد عام 2010، وظهرت معه أمه في المقطع المصور إلى جانب عدد كبير من أقاربه.
وبررت والدة الطفل زواج ابنها في هذه السن بقولها: "أردت أن أزوجه وهو صغير كي أفرح بأطفاله قبل أن أموت، وأربيهم بيديّ".
ويقول العريس الطفل، إن الزواج "شيء جميل. أنا سعيد بالزواج، ومن لا يتزوج عمره خسارة".
وسلط الحدث الضوء على زواج القاصرات في العراق، خاصة في ظل الإحصاءات التي تتحدث عن نسب مرتفعة للغاية.
زيجات منتشرة
الزعيم القبلي سعد الخزعلي قال إن مثل تلك الزيجات منتشرة في المجتمع، وأضاف في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "نحن نسعى بشكل دائم، لمنعها خاصة في المجتمعات العشائرية، لكن بعض الأحيان يصر الوالدان على الزواج لأسباب تتعلق غالبا إما بالرزق، خاصة للفتيات، أو خوفا من أي سلوك غير متزن تقترفه الفتاة في المستقبل، ويحسب على ذويها".
وأوضح الخزعلي أن "على رجال الدين والحكومة من خلال الوزارات والمؤسسات المعنية، إطلاق حملة توعية لتوضيح مخاطر الزواج المبكر".
واعتبر أن "الأسباب الباعثة على الزواج المبكر، هي الجهل وعدم تقدير العواقب".
ولفت الزعيم القبلي إلى "ضرورة تدخل مجلس النواب وكذلك القضاء في منع تلك الزيجات ولو بإجراءات قاسية، لحماية المجتمع من التفكك والتداعي".
ضجة واسعة
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات المنددة بمثل تلك الزيجات، المطالبة بوقف هذه الظاهرة التي بدأت بالاتساع خلال السنوات الأخيرة.
وتنص قوانين الأحوال الشخصية في العراق على تسجيل الزواج لمن أكمل سن 15 عاما بشرط موافقة المحكمة وولي الأمر أيضا، أما من كان دون 15 عاما فلا يمكن أن يسجل زواجه في المحكمة، وهو ما يدفع أسر زيجات الأطفال إلى الانتظار، أوالبقاء من دون تسجيل الزواج بشكل رسمي، مما يضاعف تداعياته وتأثيراته خاصة في حال إنجاب أطفال.
وفي عام 2017، اقترح نواب من أحزاب دينية تعديل قانون الأحوال الشخصية ليتيح زواج القاصرين، مما أثار جدلا واسعا في العراق.
وتشير الإحصاءات إلى أن "الزواج المبكر من أهم أسباب ارتفاع معدلات الطلاق، إلى جانب الوضع الاقتصادي الصعب".
خطة شاملة
وأشارت الباحثة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية مني العامري، إلى "المساعي التي تبذلها الحكومة منذ أشهر لوضع خطة شاملة بشأن أسباب الزواج المبكر، سواء للفتيان أو الفتيات".
لكن المأزق الحقيقي بحسب الباحثة، هو أن "هذه الزيجات تتم بعيدا عن أعين السلطات القضائية أو حتى وزارة الداخلية، وبالتالي عند طلب تسجيلها لا يكون أمام الحكومة إلا الرضوخ، لتلافي التداعيات المترتبة على إبقائه من دون تسجيل".
وأضافت في تعليق لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "مناطق الأرياف والعشائرية تحظى بالنسب الأكبر من هذه الزيجات، فضلا عن المناطق التي شهدت نزاعات وحروبا ونزوحا".
وبسبب إتمام تلك الزيجات خارج المحاكم، تنعدم الإحصاءات الرسمية عنها، لكن تقريرا لوزارة التخطيط العراقية بعنوان "خطة التنمية الوطنية 2018–2022"، تضمن دراسة عن وضع المرأة العراقية، بما في ذلك زواج القاصرات.
وحسب التقرير، بلغت نسبة النساء المتزوجات على المستوى الوطني بعمر 12 عاما وأكثر 53 بالمئة، وسجلت أعلى نسبة للنساء المتزوجات في هذا العمر على مستوى المحافظات في المثنى، حيث 56 بالمئة من نسبة النساء المتزوجات قاصرات.