في حادثة مأساوية جديدة تطال أطفال سوريا، نشر طبيب سوري صورا لطفلتين تركهما والدهما في مستشفى الرازي الخاص بالعاصمة السورية دمشق، مع رسالة كتب عليها ما معناه أنه بسبب ضيق الحال وفقره، ما عاد قادرا على إعالة الصغيرتين، طالبا ممن يقرأ الرسالة إطعامهما كونهما لم تتناولا شيئا منذ مدة كما توحي الرسالة، والتي ختمها بالتماس السماح والصفح عنه.
وفور نشر الطبيب سامر جاويش القصة على صفحته في أحد مواقع التواصل الاجتماعي، انهالت عليه الرسائل والاستفسارات من السوريين حول العالم عن الطفلتين، وثمة من عرض المساعدة ولتتحول قصتهما المأساوية لقضية رأي عام.
وعلى إثر انتشار الخبر بادرت الناشطة المدنية هايدي حافي، والتي تدير مجموعة نسوية كبيرة باسم حقانيات على السوشال ميديا، انطلاقا من واجبها الإنساني ومن كونها أم كما تقول، للتواصل مع قسم شرطة المزة ومستشفى الرازي، الذي اعتنى بالطفلتين والتقتهما عارضة استضافت الطفلتين، وحين التقائها بهما قامت ببث فيديو مباشر عبر صفحاتها بالسوشال ميديا، ناشدت فيه والدهما بالعدول عن قراره التخلي عن طفلتيه وأنها هي وغيرها مستعدون لمساعدته في تحمل مصاريفهما، وتأمين سكن لائق لهم، كما تقول هايدي في حوارها مع "سكاي نيوز عربية".
وتضيف :"وبعد البث الحي بساعة تواصل معي أحدهم وزودني برقم موبايل والد الطفلتين، واتصلت به فأجهش بالبكاء وشرح لي كيف أنه حينما قام بترك الطفلتين لم يكن يعي ما يفعل، وأنه كان محبطا ومضغوطا نتيجة تدني دخله بفعل تراجع عمله، إثر تداعيات ظهور فيروس كورونا المستجد، وعجزه عن المضي في إعالتهما كونه في وضع مادي سيء، وما عاد يستطيع التكفل بتربيتهما وتلبية احتياجاتهما، حيث أن والدتهما انفصلت عنه منذ نحو 8 أشهر وما عادت سألت عنهما، وأنه ما عاد ممكنا له التوفيق بين الاعتناء بهما والعمل، فضلا عن مصاريفهما الكثيرة من حليب وحفاظات وغيرها من مستلزمات الرضع، فضلا عن أنهما في الأسابيع الأخيرة مرضتا نتيجة سوء التغذية والاهمال، ثم وفوق كل ذلك أخرجهم صاحب البيت الذي يستأجره منه نتيجة رفضه دفع إيجار أعلى، فاضطر لاستئجار غرفة بدون حمام حتى وهو يسميها حظيرة".
وتضيف حافي التي تكفلت بحل قضية الطفلتين في حديثها مع "سكاي نيوز عربية: "وقال والدهما إنه حاول تسليمهما لدار أيتام، لكن تم رفض طلبه كونه كوالد ما زال على قيد الحياة، فقرر بناء على نصيحة أحد أصدقائه تركهما بالمستشفى، كونه قد يتكفل بهما وينقلهما لمأوى الأيتام، وهكذا فعل".
وتتابع: "الآن اتفقت معه على أننا سنتكفل بمصاريف الطفلتين لحين كبرهما، وأننا سنؤمن لهم بيتا، ونوفر سيدة تعتني بالطفلتين، وعلى هذا الأساس وافق على استلام الطفلتين من الجهات المعنية، وجلبهما لمنزلي ريثما أعثر لهم على بيت".
وتختتم: "لا يمكنكم تخيل حجم الإجهاد الذي كان باديا على الطفلتين حينما التقيتهما لأول مرة، لكن أحاول قدر طاقتي الاعتناء بهما وتعويضهما عما نالهما من عذاب وحرمان وإرهاق".
ويعتبر الأطفال السوريون أكثر من دفعوا ضريبة الأزمة العاصفة ببلادهم، حسب مختلف التقارير الأممية والحقوقية حول العالم.
حيث أكد تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) صادر في شهر مارس المنصرم، بمناسبة مرور عقد على الحرب في سوريا، أنها قد تسببت في مقتل وإصابة أكثر من 12 ألف طفل.
وكشفت المنظمة أن زهاء 90 في المائة من الأطفال السوريين، يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية الملحة.
ووفق تقديرات منظمة الأمم المتحدة فإن عدد الأطفال السوريين المشردين في داخل البلاد وخارجها، يزيد على 5 ملايين طفل.
هذا ويعاني وفق منظمة اليونيسيف، أكثر من نصف مليون طفل دون سن 5 أعوام في سوريا، من التقزم نتيجة سوء التغذية المزمن.