تزايدت حوادث تسليب السيارات في العاصمة العراقية بغداد، والمحافظات الأخرى، خلال الفترة الماضية، فيما تتحدث مصادر أمنية عن أرقام "مرعبة" تتعلق بتلك العمليات، وهو ما يزيد القلق لدى الشرطة المحلية في السيطرة على الظاهرة الخطيرة.
وتعلن القوات وزارة الداخلية العراقية، بين الحين والآخر، اعتقال متهمين بحوادث سرقة السيارات، والتي ترافقها غالباً جريمة قتل لصاحب تلك السيارة، إذ تنشط تلك العصابات في المناطق النائية، وتنفذ جرائمها في المناطق غير المأهولة بالسكان، أو الطرق السريعة.
وبدأت تلك الظاهرة بالبروز عقب احتلال العراق، عام 2003، حيث حلّت قوات التحالف الدولي، الشرطة المحلية، بعد سقوط نظام صدام حسين، وهو أدى إلى ظهور مافيات متخصصة بسلب السيارات، غير أن تلك الظاهرة انحسرت ولو بنسبة قليلة خلال السنوات الماضية، لتعود حدتها مؤخراً، بحسب المصادر الأمنية والبيانات الرسمية.
واليوم الأربعاء، أعلنت قيادة شرطة محافظة بابل، القبض على عصابة "سرقة" في المحافظة.
وذكرت القيادة في بيان أنها "تمكنت من ضبط سيارة بعد سلبها بخمسين دقيقة، إذ ألقت القبض على أحد أفراد العصابة بصحبته مسدس 7 ملم وقنابل يدوية وكمية من مادة مخدرة، ليقود بذلك إلى بقية أفراد المجموعة".
أرقام "مرعبة"
ومنتصف الشهر الجاري أعلنت وزارة الداخلية، القبض على عصابة متكونة من 7 أفراد متخصصة بسلب وسرقة العجلات في العاصمة بغداد.
ووفق بيان أمني، فإن "قطعات الشرطة الاتحادية القت القبض عصابة مكونة من 7 متهمين متخصصة في تسليب وسرقة العجلات في منطقة ’العراجلة‘ جنوب شرقي العاصمة بغداد".
ضابط في وزارة الداخلية العراقية، قال إن "حوادث السلب ارتفعت خلال الفترة الماضية، بسبب انشغال القوات المحلية، بالاحتجاجات الشعبية، وكذلك مشاركتها في تطبيق إجراءات كورونا، مثل فرض حظر التجوال، وتطبيق الإغلاق العام وغيرها، وهو ما شجع تلك العصابات على الانتعاش مرة أخرى، وتهديدها أمن المواطنين".
وأضاف الضابط الذي رفض الكشف عن اسمه لـ"سكاي نيوز عربية" أن "هناك عدة متغيرات في تكتيك تلك العصابات، أبرزها العمل على وسائل التواصل الاجتماعي أحياناً، بداعي بيع وشراء السيارات، فضلاً عن تسجيل حالات سلب وسرقة كبيرة، مثل إيقاف الشاحنات الكبيرة، التي تحمل عدة سيارات صغيرة، في المناطق الواسعة، والطرق الرئيسية بين المحافظات".
وتابع أن "عدد الحالات المسجلة خلال الستة أشهر الأولى وصلت إلى نحو 150 حالة سلب في عموم العراق، دون إقليم كردستان العراق".
وتعمد تلك العصابات إلى تغيير أرقام وبيانات تلك العجلات في ورشات متخصصة، أو تفكيكها وبيعها قطع غيار، وهو ما يدر عليها مبالغ مالية وفيرة، خاصة وأن السيارات المستهدفة غالباً، ذات نوعيات جيدة، ومن مناشئ رصينة.
وتفتقر القوات الأمنية، إلى المبادرة في اعتقال تلك العصابات أو اقتحام أوكارها، أو إحباط عمليات السلب قبل وقوعها، حيث لم تعلن الوزارة إحباط أية عمليات لسلب السيارات إلا قليلاً، وهو ما يثير تساؤلات عن طبيعة الخطط الأمنية الاستباقية، المعتمدة في مواجهة تلك الحالة.
وتعتمد الشرطة المحلية في الغالب على بلاغات أصحاب تلك السيارات، والبيانات الأخرى، في متابعة تلك الجرائم، وتعقب عصابات الجريمة، لكن الكثير منها لا تصل إلى خيوط الجريمة، في ظل غياب كاميرات المراقبة، وضعف وصول المعلومات الاستخبارية، كما هي حالة المواطن إيهاب الموسوي، الذي تعرض إلى السلب على طريق ذي قار - البصرة، الشهر الماضي.
لحظات "عصيبة"
ويروى الموسوي تفاصيل الحادثة، قائلاً: "كنت أسير على الطريق الدولي، وتوقفت عند أحد الباعة على الرصيف لشراء المشروبات الباردة، لكن تفاجأت بوصول سيارة أخرى من نوع بيك آب، يستقلها 4 مسلحين، طوقوا سيارتي، وصوّبوا أسلحتهم نحوي، ليتقدم أحدهم إلى سيارتي المفتوحة أصلاً ويستقلها بشكل مسرع والهرب بها".
ويضيف "بعد ذلك هرب المسلحون بسيارتهم، وذهبت إلى مركز شرطة المنطقة لتقديم بلاغ، لكن لغاية الآن لم يتم العثور على السيارة، وهناك خيوط أولية ومعلومات مبدأية بشأن ذلك".
ولم يقتصر السلب على السيارات، بل يتعداها إلى المصانع والمتاجر المحلية، حيث شكا تجار عراقيون الشهر الماضي، وفق كتاب رسمي، من وجود ما وصفوها بـ"عصابات سرقة" في منطقة جميلة التجارية في العاصمة بغداد.
وجاء في الكتاب الصادر عن وزارة الداخلية أن "لفيفاً من تجار منطقة جميلة أشاروا عبر شكوى الى غرفة تجارة بغداد، إلى وجود عصابات تقوم بسلب المحال والتجار رغم مناشدات الاجهزة الامنية".
ويرى الباحث في الشأن الأمني العراقي، كمال البياتي، أن "تصاعد عمليات السلب يأتي في سياق التدهور الأمني الذي يشهده العراق، في ظل التحديات التي تواجهها القوات الأمنية، وأبرزها ضعف المنظومات التكنلوجية، مثل كاميرات المراقبة، والتقنيات الأمنية، ومراكز المعلومات، واستشعار المخاطر، والقدرة على تحليل البيانات، والتوصل للمتورطين، وهذا يتعلق كذلك بمسائل الإرهاب".
ويضيف الباحث العراقي لـ"سكاي نيوز عربية" أن "تلك العصابات تستغل الثغرات الموجودة لدى القوات الأمنية، وتقاطع القرار الأمني أحياناً، ومن خلال سلوكها يبدو أنها متدربة، وتمارس جرائم أخرى غير السلب، مثل القتل، والسرقات الكبرى، ما يعني الحاجة إلى جهد استخباري يخترق هذا الجدار، ويطيح بهذا النوع من العصابات التي أصبحت تؤرق قوى الأمن".