تشكل عصابات النهب المنظم أو ما يسمى محليا بـ "النيقروز" قلقا كبيرا للمواطنين والأجهزة الأمنية في العاصمة السودانية الخرطوم وذلك بسبب عمليات النهب التي تقوم بها ليلا وفي أوسط النهار.
وتتميز هذه المجموعات التي تظهر فجأة لافتراس غنيمتها من أموال وهواتف وغيرها بتنظيم عالي وخطورة شديدة لحملها أسلحة بيضاء ونارية.
وأصدرت محكمة سودانية الأسبوع الماضي حكم "حد الحرابة" على أحد زعماء تلك العصابات وقضى بقطع يده اليمنى ورجله اليسرى من خلاف لإدانته بنهب أموال وهاتف من أحد المواطنين.
وظل السودان يعاني خلال الأشهر الماضية من انفلات أمني مما أدى لانتقادات كبيرة لطريقة تعامل الأجهزة الأمنية مع مثل هذه الظواهر.
قصص مرعبة
تضج وسائط التواصل الاجتماعي ومجالس السودانيين بقصص مرعبة عن جرائم تلك العصابات التي تنتشر نهارا وليلا في الشوارع الرئيسية وتنقض على ضحاياها بالقوة وتسلب هواتفهم وأموالهم بسرعة فائقة.
ويروي مصعب أحمد وهو تاجر مواد مكتبية قصة معاناته مع هذه العصابة، ويقول لموقع سكاي نيوز عربية إنه تعرض لأكثر من مرة لعلميات ترويع ونهب من تلك العصابات.
ويوضح: "في إحدى المرات كنت خارجا من البنك وأحمل أموالا وتوقفت للتحدث في الهاتف وفجأة تعرضت لهجوم من 3 أشخاص مشهرين أسلحتهم البيضاء مهددين إما بترك المال أو طعني فاستسلمت لهم حفاظا على سلامتي الشخصية".
ويشير أحمد إلى أن الوضع الأمني الهش التي تمر به البلاد هو السبب الرئيسي في تفشي مثل هذه الظواهر التي تهدد المجتمع قبل الدولة.
الظرف الاقتصادي
يعزي البعض تزايد الظاهرة خلال الفترة الأخيرة إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه السودان حاليا. ووفقا لمسح أجراه موقع سكاي نيوز عربية في بعض مناطق تركز جرائم تلك العصابات فإن الفقر والحاجة للمال هما أهم الدوافع.
ويعتبر غالبية افراد تلك العصابات من المشردين وفاقدي الأبوين والأطفال فوق سن العاشرة. ويقومون بأعمال متنوعة لا تقتصر على سرقة المال فحسب بل بسرقة الوقود من السيارات المتوقفة في الأحياء أو في قارعة الطريق.
وفي الغالب يتم بيع الأغراض المسروقة في الأسواق الطرفية بعيدا عن قلب الخرطوم حيث يتم بيعها لجهات معينة متخصصة في شراء وبيع الأغراض المسروقة.
عصابات منظمة
بعد جهد كبير وحذر تحدث أحد أفراد تلك العصابات لموقع سكاي نيوز عربية معرفا نفسه بـ "يوسف" ويقطن جنوب الخرطوم ويبلغ من العمر 22 عاما.
ويقول يوسف إنه انضم لهذه العصابات وهو في سن العشر سنوات وذلك عن طريق أصدقائه الذين عرفوه على زعيم عصابة تضم تقريبا 12 عضوا زعيمها أحد المفصولين من القوات النظامية لسوء السلوك.
وتتميز تلك العصابات حسب رواية يوسف بتنظيم إداري صارم يخضع الجميع لقوانينه التي تستوجب طاعة "الزعيم"، وفي حال مخالفة تلك القوانين يتعرض المخالفين لعقوبات صارمة تصل أحيانا للقتل.
ويشرح يوسف الآلية التي يعمل بها أفراد العصابة بالقول "تأتينا الأوامر والتوجيهات نهاية كل ليلة بتنفيذ أعمال الغد وتوضع خطة محكمة يشترك فيها عدد من أفراد الفريق الذي يظل يستخدم إشارات وكلمات لا يفهمها العامة ويفهمها فقط المنتمون للفريق. ويضيف: "تعتبر القوة وعدم الاكتراث للعواقب والاستعداد للقتل أهم شروط اختيار أفراد تلك العصابات".
ضرر كبير
يؤكد الخبير الأمني الصادق مصطفى أن ظاهرة تفشي عصابات النيقروز في الآونة الأخيرة أضرت كثيرا بأمن المجتمع. وأرجع مصطفى تزايد الظاهرة إلى ضعف التشريعات وتردي الأوضاع الاقتصادية التي أجبرت هذه الفئة على ممارسة مثل هذه الأعمال التي تضر المجتمع بأكمله. ويضيف مصطفى "ضعف الأمن وعدم متابعة معتادي الجرائم لعب دورا كبيرا في تفشي الظاهرة".
ويرى مصطفى أن من بين الحلول الممكنة للتصدي للظاهرة وضع معتادي هذه الجرائم تحت مراقبة الشرطة الدائمة وإلزامهم بالتحرك في دائرة معينة في ساعات النهار على أن يتواجد في قسم الشرطة في الفترة المسائية.
ووفقا لمصطفى فإن المشكلة هي مشكلة أمنية في المقام الأول مما يستوجب على الشرطة على تكثيف المداهمات والارتكازات في المناطق عالية الخطورة التي يرتادها معتادو الإجرام.