بعد نحو 16 عاما على انتشاره العشوائي في معظم مدن وأحياء وقرى مصر، دون سند قانوني، تستعد الحكومة المصرية حالياً بخطة جادة لتقنين منظومة المركبات ذات العجلات الثلاث، المعروفة باسم "التوك توك"، والشهيرة بلقب "المركبة الطائشة".
ولم يسبق للحكومات المصرية المتعاقبة منذ العام 2005 تقنين منظومة سير التوك توك في شوارع مصر، فيما يعود ظهوره الأول على استحياء في مصر إلى ستينيات القرن الماضي.
ووفقا لوزارة وزارة التنمية المحلية المصرية فإن عدد مركبات التوك توك المرخصة وصل، عام 2020، إلى 255 ألفا، فيما تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن هناك نحو 3 ملايين مركبة تجوب شوارع ومدن مصر في الوقت الحالي.
خطة حكومية
قبل أيام، أعلنت الحكومة المصرية عن خيارات محددة لأصحاب التوك توك سيتم الاختيار من بينها إجباريا، وتتلخص في "الترخيص أو الاحلال بمركبات أخرى".
وقررت الحكومة بدء إجراءات تقنين أوضاع مركبات التوك توك وتشجيع أصحابها على ترخيصها، وبحسب التوجه الحكومي فإنه سيرافق إجراءات الترخيص عدة للتشجيع عليه، أهمها إتاحة التأمين الاجتماعي لأصحاب تلك المركبات.
وقال المهندس أيمن سعيد رئيس شعبة وسائل النقل باتحاد الصناعات المصرية في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إن المنظومة الجديدة تتطلب خطة شاملة للتعامل معها، أخذا في الاعتبار الأمر الواقع والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية التي بُنيت عليها منذ أكثر من 15 عاما.
ووفقا لمجلس الوزراء المصري فإن عدد مركبات "التوك توك" المرخصة حتى اليوم لا يتجاوز 10% من إجمالى المركبات فى 22 محافظة.
وكلفت الحكومة وزراءها المعنيين بتقديم مذكرة تتضمن تيسيرات ومحفزات لأصحاب مركبات "التوك توك" لحثهم على التقنين، مع مراعاة أن تكون هناك قيمة محددة مخفضة للترخيص.
وقالت الحكومة إنه سيتم العمل على إدماج تلك المركبات في مبادرة رئيس الجمهورية لإحلال السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، على أن يتم استبدالها بسيارات "مينى فان" صغيرة الحجم، المستخدمة في النقل الجماعي داخل بعض مدن وقرى مصر.
وبموجب التحرك الحكومي سيكون هناك برنامجين محددين للتعامل مع التوك توك، الأول يتعلق بتقنين أوضاعها وترخيصها، والثاني يختص بإلغائها وإحلال السيارات الصغيرة محلها، دون خيارات أخرى مطروحة.
قاعدة البيانات
ويوضح رئيس شعبة وسائل النقل أن تقنين أوضاع مركبات التوك توك أمر جيد من جانب الحكومة، لكن سيتطلب وقتا طويلا وجهدا كبيرا للخروج بخطة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
ولفت المسؤول المصري إلى أن هناك لجنة تم تشكيلها من جانب وزارة التجارة والصناعة هدفها الأساسي الخروج بتصور شامل لخطة إحلال التوك توك.
وذكر "سعيد" أن التعامل مع هذه المركبات يحمل الكثير من التحديثات، أهمها عدم وجود قاعدة بيانات حقيقية، فضلا عن التأثير الاجتماعي والاقتصادي لأي قرار يتعلق بتلك المنظومة.
وأشار إلى أن اللجنة المعنية بخطة الإحلال عقدت اجتماعا قبل أسابيع، وستعمل الفترة المقبلة على الاستقرار على التفاصيل الخاصة بكيفية الإحلال والحوافز المطلوبة، وآليات التمويل والتعامل مع البنوك لبدء تطبيق الخطة.
وتعود فكرة تسيير التوك التوك في شوارع مصر لعام 2005، وذلك ضمن البرنامج الانتخابي للرئيس الأسبق حسني مبارك آنذاك.
تعامل حذر
ويقول المهندس سمير علام عضو مجلس إدارة شعبة وسائل النقل إن خطة التعامل مع منظومة "التوك توك" تتطلب التخطيط الجيد قبل تنفيذها لضمان النجاح.
ويضيف في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن خطة تقنين التوك توك قد تستغرق 10 سنوات نظرا لاستفحال مشكلات تلك المنظومة وسيطرة العشوائية على كل ما يتعلق بها.
وتابع علام قائلا إن هناك مئات الآلاف من الأسر المصرية تعتمد على التوك توك كمصدر أساسي للدخل، ويجب التعامل مع هذا الأمر بحذر.
وأشار عضو شعبة وسائل النقل أن تحركات الحكومة يجب أن تتجاوز عقبات التمويل، في حال إحلال المركبة، ووضع خطة واضحة للحوافز المالية والدعم لعناصر هذه المنظومة.
ورحب علام بتوجه الحكومة لتقنين أوضاع مركبات التوك توك، ومنحها تراخيص مرورية كخطوة أولى، بما يسهم في بناء قاعدة بيانات متكاملة للمنظومة، وتسهيل الخطوات التي سيتم اتخاذها بعد ذلك مستقبلا.