رغم أن عمرها الفني كان قصيرا إلا أنها أمتعتنا وأضحكتنا كثيرا وظلت إلى الآن تضحك وتمتع كل من يشاهد أعمالها. الحديث هنا عن فرقة "ثلاثي أضواء المسرح" المصرية، التي كونها سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد في ستينيات القرن الماضي.
هذه الفرقة انطفأ آخر أضوائها، الخميس، بوفاة سمير غانم في إحدى المستشفيات الخاصة بالمهندسين، ليلحق برفيقي دربه اللذين توفيا أيضا داخل المستشفيات، حيث مات الضيف بأزمة قلبية وبعده جورج بجلطة، ليسكت المرض بين جنبات المستشفيات صوت ثلاثة صنعوا لنا البهجة وما يزالون.
سمير والفشل الكلوي
التقى الفنان الراحل سمير غانم بكل من جورج سيدهم والضيف أحمد، وكونوا معا فرقة ثلاثي أضواء المسرح الشهيرة، وهو فريق غنائي كوميدي لمع على المسرح من خلال تقديم مجموعة من الاسكتشات الكوميدية، كان أشهرها "طبيخ الملايكة" و"روميو وجوليت"، ثم قدم الثلاثة بعدها عددًا من الأفلام والمسرحيات الناجحة.
ورغم أن الفرقة انحلت بعد وفاة الضيف أحمد عام 1970، واتجه سمير غانم مع جورج سيدهم للتمثيل معا في عدة مسرحيات، كان أشهرها مسرحية "المتزوجون"، وكان آخر عمل مسرحي لهما معًا هو مسرحية "اهلا يا دكتور".
وفي فترة الثمانينيات، لمع نجم سمير غانم في سماء الفوازير، فقدم سلسلة من فوازير رمضان تحت اسم شخصيتي "سمورة" و"فطوطة"، ثم عاد في رمضان في أوائل التسعينيات ليقدم فوازير المطربون والمضحكون.. وظل آخر نجوم "أضواء المسرح " يغرد منفردا بعدما تركه صديقاه حتى أسكته المرض مصابا بفشل كلوي.
العقل المدبر
أول الراحلين من فرقة أضواء المسرح، وأول أضوائها التي خفتت كان هو العقل المدبر لها الفنان الضيف أحمد، الذي رحل عن عالمنا يوم 16 أبريل عام 1970 وهو لم يتجاوز 37 عاما، تاركا مشواره الفني القصير، الذي ماتزال أعماله عالقة في أذهان المشاهدين، خاصة أدواره مع الفرقة.
المصادفة الغريبة أن الفنان سمير غانم هو من كشف تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة الضيف أحمد، من خلال لقاء سابق له مع الإعلامي وائل الإبراشي، قائلًا: "الضيف أحمد قبل وفاته كان يُخرج رواية (كل واحد وله عفريت)، وسافرنا إلى الأردن لحضور أحد الحفلات، وكان الضيف أحمد في الطائرة مصمما على حضور كل أعضاء الفرقة بروفات المسرحية".
وحكى غانم أن الضيف أحمد جسد دور شخص ميت في النعش، وذلك ضمن البروفات الأخيرة لمسرحية "الراجل اللي جوز مراته" ليتحول التمثيل إلى حقيقة، وليموت بعدها مباشرة.
وتابع سمير: "أحمد غادر إلى منزله، وفي منتصف الليل اتصل بي جورج سيدهم وأخبرني أن الضيف أحمد مات".
المدير المالي
الفنان الكبير جورج سيدهم، كان هو ثاني أضواء فرقة ثلاثي المسرح، وكان هو بمثابة المدير المالي للفرقة وقد توفي في مستشفى بمصر الجديدة، بعد صراع طويل مع المرض لأكثر من 20 عاما بعد إصابته بجلطة في المخ.
وولد جورج سيدهم في 28 مايو 1938، بمحافظة سوهاج بمصر، وحصل على بكالوريوس زراعة من جامعة عين شمس عام 1961، وبدأ حياته الفنية كعضو فرقة ثلاثي أضواء المسرح بالاشتراك مع الضيف أحمد وسمير غانم.
جلطة في المخ
الفنان سمير غانم كان قد كشف عن سبب إصابة جورج بالجلطة، قائلا في حديث لبرنامج "شيخ الحارة"، إن حصول شقيقه على كل أمواله، وسفره بها إلى الخارج، هو السبب، وأن هذا الأمر أحزن "سيدهم" بشدة، ولم يتحمله.
وتابع غانم أن جورج كان هو المسؤول عن فرقة "ثلاثي أضواء المسرح"، وكان معه كل أموالها، حتى أخذها شقيقه "أمير"، وغادر البلاد إلى أميركا.
فكرة مرعبة
من جانبها، علقت الناقدة الفنية أمل صبحي، في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، قائلة: "فكرة صراع الفنان مع المرض مرعبة ومرهقة لنا بشكل عام وتزيد صعوبة مع الفنانين وخصوصًا إذا كان يحظى بالشهرة الكبيرة والأضواء ومتابعة أخباره، فالمرض هنا يكون ذو تأثير نفسي أصعب وذلك لابتعاده عن حياته المعتاد عليها وفكرة الضعف والوهن قاتلة بالنسبة للفنانين".
طفرة فنية
وأضافت صبحي أن ثلاثي أضواء المسرح "طفرة فنية عملاقة في وقتها، حيث تميزوا على عكس الفرق الأخرى بالمحبة فيما بينهم، فلم يكونوا يحملون ضغينة لبعضهم بل كانوا كالجسد الواحد الذي تتحرك أعضاؤه في تناسق وتناغم، فالسر وراء نجاحهم هو حبهم للعمل كفريق واحد، وعدم إنساب النجاح لفرد واحد منهم، فنجحوا في الغناء والتمثيل بخفة ظل غير معهودة".
وتابعت أمل: "بالرغم من أن الفنان الضيف أحمد رحل في فترة مبكرة من عمره إلا أنه ترك بصمة كبيرة، وتلاه الفنان القدير جورج سيدهم، حتى انتهت رحلة تلك الأسطورة اليوم بوفاة الفنان الكبير سمير غانم".
وأشارت إلى أن الثلاثة كل منهم يمتلك "كاريزما" وشخصية مختلفة عن الآخر، "فالضيف أحمد كان يعتمد على سيكولوجيات جسده النحيل الضعيف التي تتيح له إضحاك الجميع بجمل تصف قوته الجسدية، بينما تميزت شخصية الراحل جورج سيدهم بقدرته على تقديم أدوار نسائية بها إسقاطات، وعلى النقيض جاء الفنان سمير غانم بشخصية الشاب الجذاب وما نطلق عليه "جان"، فكلًا منهم يكمل الأخر وهو أهم ما ميزهم".