اتخذ مثقفون مغاربة من شبكات التواصل منبرا لبث نداء إلى السلطات، بهدف حماية ساحة جامع الفنا ذائعة الصيت في مدينة مراكش جنوبي المغرب، مما وصفوه بـ"فوضى البناء والمطاعم العشوائية".
وجاء النداء، الذي شارك فيه أيضا فنانون وناشطون، بعنوان "نداء أهل مراكش ومحبيها"، وطالبوا فيه إعادة الاعتبار لتراث "الحلقة"، الذي يعطي لمراكش وساحتها التاريخية زخمها التراثي والفني والمعرفي، لأنه روح الساحة وجوهر تفردها وحكمة تصنيفها الدولي.
وتعد ساحة جامع الفنا أحد أبرز رموز مدينة مراكش منذ تأسيسها في القرن الحادي عشر، ويزوره السياح من أنحاء العالم، فمراكش تعد أبرز الوجهات السياحية في المغرب.
ومراكش كلمة أمازيغية تعني "أرض الله"، وقلب هذه المدينة النابض هو ساحة مسجد الفنا، وفيها تجار يعرضون سلعا وفنانون يقدمون عروضا مبهرة و"حكواتيون" يروون القصص، أو "الحلايقيون" كما يوصفون هناك.
وتشهد مدينة مراكش منذ عام 2014 أعمالا كبرى لترميم المدينة العتيقة داخل السور التاريخي، وإعادة الاعتبار لتراثها المادي والمعنوي، وإعداد برنامج لإحياء هذه الساحة العريقة التي صنفت من قبل اليونسكو عام 2001 كرائعة من روائع التراث الإنساني.
أحلك العهود
ويرى مطلقو النداء أن ساحة جامع الفنا في مراكش تعيش "أحلك عهود عزلتها عن أهل مراكش ومحبيها، بعد أن استنزفت معانيها وخبا إشعاعها الفني وتلاشى عمقها الروحي، لصالح فوضى البناء وهيمنة رواج تجاري ومطعمي عشوائي، يخدم زيفا السياحة".
ويقول الكاتب المغربي ورئيس جمعية "منية مراكش" لإحياء تراث المغرب وصيانته جعفر الكنسوسي، إن النداء جاء لدق ناقوس الخطر بشأن المخاطر المحدقة بهذه الساحة العريقة، وبروحها المتمثلة في "الحلقة"، التي صارت اليوم غريبة عن الشعب.
ويضيف الكنسوسي في حديث لموقع "سكاي نيوزعربية": "نحن اليوم في لحظة استثنائية وتاريخية، فلا أحد كان يتصور أن المدينة القديمة ستكون هي القاطرة الاقتصادية لمدينة مراكش المبنية على السياحة".
ويتابع: "لهذا يجب الانتباه إلى العمق الحضاري والعمراني للمدينة القديمة"، مطالبا بالحفاظ على روحها الأصلية ومعالمها التاريخية، وعلى رأسها ساحة جامع الفنا العريقة.
عصب الساحة
وينبه الكنسوسي إلى أن تراث "الحلقة"، التي هي عصب هذه الساحة، إلى زوال، وأنها الحلقة الضعيفة في كل هذه العمليات الإصلاحية، لهذا "نحن نعلنها قضية وطنية ثقافية حتى يتم الالتفات إليها ولا تضيع في دواليب الإدارة، خاصة أنها ضاعت بما فيه الكفاية ما بين الجامعة والبلدية ووزارتي الثقافة والسياحة".
وانطلاقا من أن الدستور المغربي يخول الجمعيات تقديم المقترحات اللازمة في المشاريع التي تقوم بها الدولة، فإن فعاليات مراكش قدمت بالفعل اقتراحات بشأن الساحة التاريخية.
وتشمل الاقتراحات تقويم اختلالات اللافتات الإشهارية الملوثة لجمالية الأجواء وروحانيتها ورونقها، وبما ينسجم مع المتطلبات القانونية للتصنيف الدولي للساحة ولمدينة مراكش، باعتبارهما من تراث الإنسانية الذي ترعاه هيئة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو".
ويناشد المغاربة السلطات من أجل "تحرير" الساحة من كل معوقات التعبير الفني الإبداعي، لإعادة الاعتبار لـ"الحلقة " وفنونها وآدابها المتنوعة، وتخصيص نسبة الثلثين على الأقل من المساحة الإجمالية التي تناهز2.7 هكتار (كانت تتجاوز 20 هكتارا) لتعبيرات التراث بالمنطقة.