اختار مصور بريطاني طريقة مبتكرة للتغلب على قيود السفر في زمن وباء كورونا، وقدم لهواة استكشاف التاريخ معرضا للصور يوثق أبرز محطات ما كان يعرف حتى وقت قريب بأنه أهم طريق تجاري عرفه الإنسان.
"طريق الحرير" الذي يمتد لمسافة تزيد على 40 ألف كلم تقريبا، كان يربط عاصمة الصين القديمة "شيان" بروما، عبر ممرين شمالي وجنوبي، ويعود تاريخه إلى العام 200 قبل الميلاد. وكان الممر التجاري الأهم لتبادل البضائع وحوار الأديان والتقاء الحضارات آنذاك.
ومع عودة الحاجة إلى تقارب الحضارات، اختار المصور البريطاني كريستوفر ويلتون السفر مجددا عبر مدن طريق الحرير، انطلاقا من عاصمة الصين الحالية بكين وصولا إلى روما، موثقا أهم المحطات في صور فوتوغرافية لإقامة معرضه الأول في الهواء الطلق وسط لندن.
استغرقت رحلة المصور قرابة 6 أشهر منذ منتصف عام 2019، عبر خلالها 16 دولة ووثق أجمل ما شاهد فيها بالصور، قبل انتقاء 24 صورة منها لتزين مقاعد الجلوس في إحدى ساحات لندن العامة، وبذلك يحقق المعرض الغاية من نشر الفن والالتزام بالتباعد الاجتماعي بسبب وباء كورونا.
وتم ترتيب الصور وفق تسلسل المدن الجغرافي، على أن يواجه كل مقعد لمدينة واجهة مدينة أخرى، لشرح محطات طريق الحرير القديم بالمنظور الحديث للتصوير الفوتوغرافي.
ويتسابق هواة التصوير من مدن بريطانيا لرؤية المعرض الخاص للفنان الذي ذاع صيته بعد معرضه الشهير "الدرب الأحمر" في القاهرة عام 2018.
ويقول ويلتون إن المعرض "يهدف أولا إلى إخراج الإنسان من عزلته التي فرضتها إجراءات الحجر الصحي، كما أنه يحاول تقريب المدن البعيدة عبر التقاط الصور التي توثق كل واحدة منها قصة وتاريخا وحضارة".
ويشير إلى أنه جمع أكثر من 160 صورة فوتوغرافية لمدن طريق الحرير القديم، التي حافظت على نمطها الحضاري.
ويضيف ويلتون أن استكشاف الشرق الأقصى لطالما كان حلمه منذ أن كان صغيرا، وأنه حاول عبر سفره إلى مدن طريق الحرير أن يكتشف عوالم أخرى غير التي يراها البريطانيون عبر شاشات الهاتف والتلفاز.
واستخدم المصور خلال رحلته السيارة والقطار، وركب الخيول لعبور السهول، والجمال لاجتياز مسافات صحراوية، ليتعرف بنفسه على أبعاد الصور التي نقلها في وقت لاحق إلى العاصمة البريطانية، عبر المعرض الذي يمثل شراكة فنية مع منظمات آسيوية.
ويؤكد ويلتون أن السفر عبر الطائرة من مدينة إلى أخرى قد يكون عمليا وأسهل لاختصار الوقت، غير أن استخدام الطريق البري الذي حمل أطنانا من البضائع على مدى عقود، "ساعده في فهم بيئة تلك المدن وكيفية العيش فيها، بل وحتى محاولة نقلها بصورة واقعية أكثر عبر المعرض الحالي".
وتقول المصورة الهاوية آنا لموقع "سكاي نيوز العربية": "المعرض أخذني فعلا إلى أقصى شرق آسيا.. بقليل من التأمل في الصور، أكتشف حضارات بطريقة مختلفة، وقد أثارت لدي الرغبة في زيارة تلك المدن في أقرب فرصة".
ويقول سام، الطالب بقسم التصوير في جامعة بورنموث، لموقع "سكاي نيوز العربية"، إن المعرض الفوتوغرافي "لا يوثق فقط جمال الصورة والموقع، بل يرسم صورة أبعد للبيئة التي تحيط بهذه اللقطات، ويقرب صور الحضارات المختلفة عن أوروبا، التي تستحق الدراسة والتأمل".
وتشير منظمة "آغا خان" الخيرية الراعية للمعرض، إلى أنه يحتفي بتنوع الحضارات واختلافها، وأن تقديم هذه الصور في لندن يعيد إلى الأذهان أهمية تقارب بني البشر، لتحقيق التكامل الإنساني والتجاري والمعيشي".