صعد الدكتور نشأت الصياد أخصائي العظام بمستشفى السنطة التابعة لمحافظة الغربية المصرية بعد أصوات ارتفعت بين التمريض وأهالي مريضة رافضين دخولها لركن العزل كي لا تكون مصدر عدوى لقريبتهم الموجودة بالداخل.
نادى بعلو صوته: "ليست لكم أي سلطة في رفض دخول أي مريض يحتاج لسرير رعاية مركزة.. أنتم في مستشفى حكومي وليس فندقا تستحوذون فيه على الأسرّة كما تريدون".
الواقعة حدثت عندما شخّص نشأت في دوامه الليلي احتياج مريضة للدخول للعناية بعد أن جاءت بمعاناة في نقص حاد في الأكسجين، ولكن أهالي إحدى المرضى المتواجدين بالفعل داخل الغرفة انقضوا على الباب رافضين دخول المريضة الجديدة، حسب ما يحكي لموقع "سكاي نيوز عربية".
أخصائي العظام الذي كُسرت يديه بسبب تدخله ورفض أن يتحكم أهالي المريضة المتواجدة داخل الغرفة في دخول وخروج المرضى، يحكي تفاصيل الواقعة قائلًا: "بعد أن أبلغني طبيب الباطنة باحتياج المريضة لدخول العزل، قام التمريض بالصعود بها للدور الثالث لإحدى الغرف التي تحتوي على أكسجين، وتعتبر عناية متوسطة تناسب الحالة المريضة، نظرًا للإمكانيات المتوسطة للمستشفى".
الأمن يتدخل بلا جدوى
ويضيف الصياد: "قام التمريض بمحاولات عديدة لدخول المريضة ولكن أهالي المريضة المتواجدة في الغرفة اقتحموا العزل ورفضوا ذلك، وقمت حينها بالتواصل مع طبيب الباطنة حول إمكانية أن تكون المريضة الجديدة حاملة لعدوى خاصة وتكون خطيرة وتصيب الأولى، ولكنه أكد بأنه لا توجد فيه أي مشكلة".
ويؤكد الطبيب المعتدى عليه: "حاولنا إدخال المريضة التي تسوء حالتها للغرفة ولكن أهالي المريضة المتواجدين في المستشفى قاموا بغلق الباب رافضين بشدة، ليتدخل حينها الأمن الداخلي ولكن دون جدوى، فقمت بالتواصل مع أحد أفراد الشرطة المتواجد في الأسفل، غير أن الأمور ظلّت على ما هي عليه وترك الوضع وقام بالنزول والتأكيد أنه في حال رغبة أي فرد عمل محضر هو في انتظاره في الأسفل".
ويسترسل أخصائي العظام بمستشفى السنطة بنبرة حزن وألم شديد: "في تلك الأثناء كانت المريضة تتألم ويزداد الأمر لدرجة أن التمريض احتاج لتوصيل الأكسجين إليها وتم عمل ذلك في طرقات المستشفى، ليحدث تشابك بين أهالي المريضتين، ليكون الخيار الذي أبلغتهم بيه حينها بتدخل النجدة".
ويشير الصياد، في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" إلى أنّ "في تلك الأثناء قاموا بالاعتداء عليّ وكتّفوا يداي ورجلي، واعتدوا عليّ بعنف وقسوة بعد أن وجهوا لي ركلات قوية في كافة أنحاء جسدي، وحينها كنت أسمع صراخ التمريض ليأتي موظفو المستشفى وعدد من الأطباء المتواجدين في الركن الآخر البعيد عن العزل، لأحاول حينها الابتعاد عنهم بكل ما أوتيت من قوة".
مشروع قانون
وكان عضو مجلس النواب المصري النائب عاصم مرشد، قد قدّم مشروع قانون لمواجهة ظاهرة الاعتداء على الأطباء بالمستشفيات أثناء تأدية عملهم، مؤكدًا أن التشريع سينص على اعتبار الاعتداء على الطبيب تعد على المنشأة الطبية والطبيب معًا.
وأكد مرشد أنّه سيتم النص على عقوبات مشددة في مشروع القانون ستصل إلى الحبس لمدد لا تقل عن 3 سنوات، حال تسبب الاعتداء في حدوث إصابات خطيرة لأي من العاملين بالمستشفيات وفي مقدمتهم الأطباء.
وأوضح النائب أنّه لا يجب توصيف الاعتداء على الأطباء أثناء تأدية عملهم بأنّه مشاجرة، بل يجب تصنيفها على أنها جريمة ضد الأطباء والمنشآت الطبية، فـ"مشروع القانون سيحد من الاعتداء على الأطباء بعد أن تحوّلت هذه القضية إلى ظاهرة، وأصبح هناك حالات كبيرة من الاعتداء على الأطباء".
محضر بالتعد على منشأة طبية
ويوضح الطبيب المعتدى عليه في مستشفى السنطة: "عند الذهاب إلى الشرطة لعمل المحضر، كانوا يريدون عمل محضر شخصي وليس التعدي على المنشأة الطبية، ولكنّني ومعي مدير المستشفى رفضنا رفضًا قاطعًا، وقامت الوزارة بالاتصال علينا والتأكيد على عمل محضر بالتعدي على منشأة طبية، وبعد التواصل مع نقيب أطباء الغربية تم عمل المحضر، وعلمت بأن أهالي المريضة الذين اعتدوا عليّ تم حجزهم لأربعة أيام".
وعن إصابته في يديه، يردف أخصائي العظام بمستشفى السنطة: "بعد أن قمنا بعمل الأشعة اللازمة اكتشفت أنّ هناك كسورا في يداي الاثنين، وأنا الآن بدلًا من أن أقوم برعاية المصابين تقوم زوجتي وأقاربي برعايتي حتى تكتمل عافيتي وأستطيع أن أقوم بمهمتي التي أحمد الله عليها، وسأكملها وأنا راض مهما حدث".
وطالب الصياد في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" أنّ تكون تلك الواقعة هي الأخيرة في مسلسل الاعتداء على الأطباء، وأن يكون هناك عقاب رادع لمن يعتدي على أي طبيب يقوم بدوره في إنقاذ الأرواح.
423 شهيدا من الأطباء في مواجهة كورونا
وأعلنت النقابة العامة للأطباء، في الحادي والثلاثين من مارس الماضي، أنّه على مدار عام بالتمام والكمال من صراع الأطباء مع جائحة كورونا، سقط 423 شهيدا من الأطباء، بخلاف باقي الفريق الطبي من التمريض والفنيين والعمال.
ووجهت النقابة حينها السلام لكل الأطباء وأعضاء الفريق الطبي ممن ضحوا بأرواحهم من أجل الجميع، وتحية لكل المرابطين على الجبهة يقاومون بلا تراجع ولا استسلام فيروس كورونا المستجد.
النقابة ترد
وقال الدكتور أشرف البنا عضو نقابة الأطباء، إنّ "ما حدث مع طبيب مستشفى السنطة مرفوض تمامًا، ويعتبر إهانة للأطباء الذين يعملون في كافة المستشفيات المصرية، فدورنا هو الحفاظ على الأرواح وليس التقليل من شأننا وإهانتنا بهذا الشكل المهين".
وتابع البنا في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية": "لابد من وجود تشريعات قاسية لمن يقوم بالاعتداء على أي طبيب، وتغليظ العقوبات لمن يقوم بهذا الأمر، مع التوعية اللازمة من الإعلام بأن الطبيب يقوم بدوره لإنقاذ الأرواح، ويتواجد في عمله لمساندتكم وليس لإهانته".