يقضي عمر عبد العزيز الطالب في كلية الآثار ساعات طويلة يوميا بين دفتي المراجع والكتب لمراجعة ما تعثر أمامه من رموز الكتابة الهيروغليفة المصرية القديمة.
فبدون هذه الرموز لن يستطيع الطالب معرفة الحضارة المصرية وتاريخ المصريين القدماء الذي سجلوه على جدران المعابد واللوحات والبرديات، كما يقول عمر.
يقول عمر في تصريحات لـموقع "سكاي نيوز عربية " علم الآثار دون دراسة الهيروغليفي، ليس له قيمة، فالرموز المصرية هي الأساس لمعرفة تاريخ الحضارة المصرية والفترة الزمنية، وحكم الملوك وأسرهم، وفترات الضعف والقوة، وقراءة البرديات والنقوش واللوحات التاريخية".
ما هي الهيروغليفية؟
والهيروغليفية هي نظام الكتابة في مصر القديمة، وتعني بالإغريقية الكتابة المقدسة، وظهرت قبل نحو 3000 عام قبل الميلاد، واستخدمت قديما كنمط كتابة رسمي لتسجيل الأحداث على جدران المعابد والمقابر وأسطح التماثيل.
أتقن عمر الهيروغليفية، وساعده على ذلك مجموعات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أنشئت لتعليم الكتابة الهيروغليفية ورموزها، من خلال متخصصين وباحثين في علم الآثار، تتضمن تلك المجموعات مراجع ومقاطع فيديو تقود المتعلم إلى تعلم الهيروغليفية من الصفر وحتى الاحتراف.
إحدى هذه المجموعات تشرف عليها، مروة التوني، وهي محامية ومؤلفة كتاب "العلامات الهيروغليفية".
تقول مروة في تصريحات لـموقع "سكاي نيوز عربية" إن اهتمامها بالنصوص الهيروغليفية بدأ منذ تحضيرها دبلوم في جامعة القاهرة عن الجريمة والعقاب في مصر الفرعونية، وهناك وجدت صعوبة في تفكيك رموز وشفرات النصوص المصرية القديمة.
ولذلك، عادت إلى مراجع مصرية قديمة وشرعت في تعلم الهيروغليفية على مدار 7 سنوات، حتى أتقنتها وصارت تعلمها للراغبين فيها من خلال مقاطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك.
وفي مايو 2020 أسست مروة مجموعتها الخاصة بتعلم الهيروغليفية، ومع الوقت تصاعدت أعداد المهتمين بالهيروغليفة من مجالات مختلفة، تجد إقبالا كبيرا للغاية، مضيفة "الناس بدأت تنتبه لها (الكتابة الهيروغليفية) وتستفيد منها".
صحوة مصرية لتعلم الهيروغليفية
لا يمكن الحديث عن إقبال المصريين على تعلم الهيروغليفية دون التطرق إلى نقل موكب المومياوات الملكية، هذا الحدث الذي جذب أنظار كثير من المصريين إلى الهيروغليفية بعد نجاح الأنشودة الفرعونية في حفل افتتاح نقل المومياوات الملكية.
وعن ذلك، يقول محمد حسن، الباحث الأثري ومعلم هيروغليفية، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن حدث نقل المومياوات الملكية أحدث صحوة مصرية لتعلم الهيروغليفية وبدأت أعداد الراغبين في التعلم تزيد على مجموعته التي خصصها لتعلم النصوص المصرية القديمة على موقع "فيسبوك".
ويضيف حسن أن الهدف من تعليمه الهيروغلييفة هو تعليم الأجيال الناشئة تاريخ مصر وحضارتها العظيمة، وهذا لن يتم إلا من خلال معرفة دقيقة بالعلامات والرموز، التي تفسر تاريخ كل ملك وأسرة على حدة.
وتتفق معه مروة التوني معلمة الكتابة الهيروغليفية في ذلك، وتقول إن هدفها الأساسي في التعليم والتدريس هو معرفة المواطن المصري دلالات الرموز والعلامات المرسومة على جدران المعابد والمتاحف " وقتها يقدر المصري يفرق بين المعلومة الصحيحة والمعلومة الخطأ" تضيف مروة.
دكتور تخدير يدرس الهيروغليفية
ناصر سبله دكتور تخدير من محافظة الدقهلية، شمالي مصر، قاده الشغف لتعلم الهيروغليفة بعد ما وجد تنوع في مفردات الكلمات لدى المصريين، فبدأ في البحث والتقصي عن جذور المفردات المصرية التي وجدها تمتد إلى المصريين القدماء.
استعان ناصر في ذلك بباحثين ومعلمين هيروغليفي منهم الباحث الأثري محمد حسن.
ويقول سبله في تصريحات لـموقع "سكاي نيوز عربية" إن السبب في تعلم الهيروغليفية هو معرفة "أصله وحضارته المصرية القديمة وتاريخها العريق الذي لن يعرفه إلا بدراسة الهيروغليفية".
مثل الطالب محمود، يشعر سبلة بالفخر في تعلم الهيروغليفية ويتفق الاثنان أن " الهيروغليفية بالنسبة لهما عشق واهتمام كونه امتداد لعلم المصريات، وهو العلم الوحيد في العالم الذي يطلق على العلوم المختصة بتاريخ مصر القديمة وحضارتها وفنونها".
ومؤخراً، قررت وزارة التربية والتعليم المصرية إدخال رموز الكتابة الهيروغليفية وما يقابلها من معاني باللغة العربية في المناهج ابتداءً من العام الدراسي المقبل، بهدف إطلاع الطلاب على تاريخهم القديم، وإطلاعهم على الكتابة الهيروغليفية التي كانت من أهم وسائل التواصل في مصر القديمة، وفق بيان وزارة التربية والتعليم.
وقالت الوزارة: "قضية الوعي الأثري والسياحي تأتي في صدارة القضايا التي تهتم بها الوزارة بمراحل التعليم المختلفة، وتتم معالجتها في معظم المواد الدراسية سواء في موضوعات أو أنشطة، تتناول كل أشكال التراث المصري القديم".