بقلوب تؤمن بأهمية تعليم الفنون للأطفال، لتشكل وجدانهم وتزرع بهم حب الحياة، انطلقت مبادرة "كابلات" المصرية، لتزيل العائق بين الأطفال والفن، وتمهد لهم الطريق ليكونوا فنانين أو على الأقل يمس الفن روحهم، تاركًا أثره الساحر، الذي لا يزول بمرور الأيام.
وتروي مؤسسة "كابلات"، هاجر مجدي، أهداف تلك المبادرة، ورحلتها في المحافظات المصرية منذ انطلاقها.
تقول هاجر لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الهدف الأهم من إطلاق "كابلات" هو تعليم الأطفال التعبير عن أنفسهم عن طريق مختلف أنواع الفنون، خاصةً في المناطق التي تعاني من ظروف معيشية تمنع أهلها من تعليم أولادهم الفنون، "نأمل أن نكون طريقهم نحو الفن".
وتضيف: "البداية كانت في الإسكندرية عام 2012؛ حيث استهدفنا أطفال بلا مأوى، وأطفال المدارس، في مختلف أحياء المحافظة، وقمنا بالتعاون بعد ذلك مع مبادرة "عيش الإسكندرية" التي أطلقها المسؤولون بالمحافظة عام 2015، بغرض تحويلها إلى مركز فني وثقافي".
كما تقدم المبادرة ورشًا مجانية لتعلم أنواع مختلفة من الفنون للأطفال مثل: الغرافيتي، الرسم، "الاوريغامي"، التمثيل المسرحي، النحت، الغناء والتصوير يقدمها عدد من المختصين المتطوعين.
جدير بالذكر أن "الأوريغامي" هو فن طي الورق بغرض إنتاج عمل فني باستخدام تقنيات النحت.
اختيار الأطفال
وتابعت: "لا نفرض نوعا معينا من الفنون على الأطفال، بل نبدأ بالحديث معهم، للتعرف على اهتماماتهم التي في الأغلب تكون مبنية على البيئة المحيطة بهم، فعلى سبيل المثال، أطفال النوبة يميلون إلى الغناء والرسم، وتختلف الرغبات باختلاف المحافظات التي نتوجه إليها، ونحاول التواصل مع مختصين للتطوع معنا حسب الفن الذي يرغب أطفال المنطقة في تعلمه".
كما تكشف هاجر أن المبادرة حتى الآن توجهت إلى أكثر من محافظة مصرية بعيدة عن محل نشأة المبادرة بالإسكندرية، من ضمنها: طنطا، البحيرة، وأسوان بالتعاون مع الجمعيات الأهلية في تلك المحافظات، بالأخص في المناطق الفقيرة بها.
كما قدمت "كابلات" ورشًا فنية للاجئين الجدد في الأراضي المصرية من سوريا والسودان والعراق واليمن، خلال موجة كورونا الأولى، عبر برامج التعليم عن بعد، لكسر مخاوف الأطفال خلال تلك الفترة الصعبة بسبب الجائحة ومحل الإقامة الجديد.
تأثير الفن
وتوضح هاجر مجدي أن الخطوة الأصعب في بداية كل ورشة، هي تقبل الأطفال لتعلم الفنون، وإقناع الأهالي بمشاركة ذويهم في ورشنا الفنية، وتزداد تلك الصعوبة في المجتمعات المحافظة، التي ترى الفن غير مهم لأبنائهم، "لكن مع مرور الوقت، ينقلب الوضع، ويتوجه الأهالي الذين كانوا يرفضوننا في البداية، بدعوة لأفراد ’كابلات‘ لنقدم مزيد من الورش إلى ذويهم".
وتردف: "نستشعر أثر الفن على الأطفال، الأمر لا يتعلق هنا بتحولهم إلى فنانين، بل يتعلق بتغير سلوكياتهم، فيكونوا أقل عنفًا، وأكثر تقبلًا للثقافات الأخرى، ولديهم القدرة للتعبير عن أنفسهم بشكل أفضل، وهذا هو هدفنا الأهم من إطلاق المبادرة".
وتروي هاجر موقفًا يكشف تأثير الورش الفنية على أحد أطفال النوبة: "في بداية أي ورشة، نقوم بعمل ما يعرف بـ’ألعاب المسرح‘، لنتبادل التعارف مع الأطفال، وخلال أحد الألعاب، كان على طفل أن يترك أخته تقف أمامه، وهذا ما رفضه بشدة، لأنه وفقًا لبيئته، يجب أن يقف أمامها ليحميها، لأنها لا تستطيع حماية نفسها، وكنا نحاول خلال الورشة كسر الصورة النمطية عن المرأة في مجتمعه المحافظ، لننجح في النهاية، وقد يبدو الموقف بسيطًا، لكننا ننظر إلى التغيير النابع عنه في حياة هذا الطفل في المستقبل".