على مدار 25 عاما، عراقيل لا حصر لها واجهت الشيخ عيد هليل وشقيقه سالم هليل، وأفراد أسرتيهما البالغ عددهم 25 شخصا، من أجل الحصول على أوراق رسمية تثبت هويتهم المصرية.
4 رؤساء تعاقبوا على حكم البلاد خلال تلك الفترة، حاولوا خلالها بكل الطرق اجتياز العراقيل، حتى لاح الأمل أخيرا بقرار جمهوري وقعه الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونفذ مراسمه محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة.
ما أن تطأ قدمك مدينة دهب الخلابة في جنوب سيناء، حتى تتعرف على عائلة هليل، "المزانية" كما يحبوا أن يلقبوا في البلدة السياحية. يشرفون على أعمال سياحية، وينهون بعض المصالح الخاصة للسياح القادمين من أنحاء العالم للاستمتاع بسحر المدينة الساحلية الجميلة.
لكن وسط ذلك، لا يمكن أن تتخيل أن هذه الأسرة لم تكن تملك طوال 25 عاما ما يثبت جنسيتهم المصرية.
انعدام الوثائق سبب الأزمة
ويشير عيد هليل في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أنهم مصريون أبا عن جد، لكن السبب الرئيسي في المشكلة أن العائلة البدوية لم تكن تهتم كثيرا بوجود وثائق رسمية لتؤكد المؤكد، لافتا إلى أنه "كان من الغريب على الناس أن تسمع بأن عائلة شارك عناصرها ضمن الجيش المصري، لكنها لم تتمكن من الحصول على الجنسية".
وأوضح أن "الخطأ الكبير" يرجع إلى عام 1995، حين طالب موظف السجلات الحكومية بأوراق خاصة من الأب قبل وفاته لبدء التسجيل الرسمي، تعود هذه الأوراق إلى عام 1914، وبالتالي لا يمكن تقديمها لعدم وجودها من الأساس في تلك الفترة.
"بدون" مصريون
عبد الله، شقيق عيد الأصغر، هو الآخر ضمن المشمولين بقرار رئيس الجمهورية بمنحهم الجنسية المصرية، يقول لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه لم يتمكن من دخول المدارس لأنه لم يحظ بالجنسية المصرية، لافتا إلى أنه كان يملك "أوراق الميلاد"، لكن بداخلها الجملة واضحة "بدون"، أي ليست له جنسية.
وأضاف أنه مع وصوله لسن العشرين، لم يعد بإمكانه التعلم أو الحصول على رعاية صحية مجانية.
وداومت العائلة على توجيه الاستغاثات بشتى الوسائل، من بينها مواقع التواصل الاجتماعي، التي شهدت أخيرا تدوينة رسمية لمحافظ جنوب سيناء، قال فيها: "محافظ جنوب سيناء يستقبل أسرة الشيخ عيد هليل بعد إنهائهم جميع إجراءات الجنسية المصرية.. الأسرة تشكر الرئيس السيسي لرفع معاناتهم بعد 25 عاما بلا هوية".
وحسب البيان الرسمي، قدم محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة، الشكر للقيادة السياسية، مشيرا إلى أن الرئيس كان قد وافق على منح الجنسية للأسرة المصرية، واستخراج كافة الأوراق والمستندات الدالة على ذلك، ليتمكن أفرادها من ممارسة حياتهم الطبيعية كمواطنين مصريين.
وأضاف المحافظ أن السيسي "يولي جميع المواطنين المصريين بصفة عامة كل الرعاية، وبصفة خاصة أبناء سيناء، لما لهم من بطولات عظيمة سطرها التاريخ".
"السيسي أعاد هويتنا"
"أن ترى كلمة مصري في خانة الجنسية هذا شرف كبير، لم يكن ليتحقق لولا رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي".. هكذا يشير عيد إلى الخطوة التي طال انتظارها.
وأضاف: "الآن بإمكان الأطفال الذين لن يمروا بنفس الصعوبات، أن يحصلوا على رعاية صحية في أي وقت، وأن يدخلوا المدارس، ويصبحوا ضباطًا يخدمون الوطن، أو أطباء يقدمون لأهلهم ما لم يكونوا يستطيعون الحصول عليه بسهولة.
ويؤكد عيد لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الأزمة بدأت عندما رغب الأب في السفر للخارج أملا في توسيع رزقه، حينها طلب منه عامل السجلات الأوراق الرسمية لأجداده، وهو ما لم يكن سهلا.
وتابع: "في التوقيت الذي طُلب فيه الأوراق، لم يكن هناك تواجد رسمي بهذا الشكل الحضري الموجود في الفترة الراهنة، ومن ثم عانت العائلة بالكامل بعد هذا الخطأ، ولم يعد من حقها تملك الأراضي".
عيد نفسه ناشد الرئيس المصري منذ عام، على أمل أن ينظر لشكواه. وفي هذا الصدد يقول: "لم أكن أتخيل أن يتجاهل الجميع معاناتنا طوال هذه السنوات، ثم يولينا رئيس الجمهورية رعايته وينعم علينا بالجنسية المصرية. هذا شعور لا يمكن أن يوصف إلا بالفخر بعرقنا المصري الذي لا يحتاج إلى إثبات".
من جانبه، يأمل عبد الله هليل، أن ينضم للخدمة في القوات المسلحة، باعتباره ينطبق عليه السن القانوني للالتحاق بالخدمة الإجبارية في الجيش المصري، قائلا: "البدلة العسكرية شرف، أتمنى أن أحظى به تعويضا عما حرمت منه لسنوات".
العائلة قدمت الشكر لمحافظ جنوب سيناء، الذي تابع منذ صدور قرار الرئيس بمنحهم الجنسية كل التفاصيل والإجراءات، واستقبلهم بمكتبه وحرص على إنهاء كافة الأوراق والمستندات الثبوتية واسترداد حقوقهم، إلى جانب الشكر لرئيس الوزراء ووزير الداخلية ورجال الأمن بجنوب سيناء وموظفي السجل المدني، "لما بذلوه من جهد وتعاون في سبيل إنهاء إجراءات العودة إلى صفوف الوطن بصفة رسمية".