في مقدمة أحد شوارع قرية مصرية، مجموعة من الأطفال حاملين كراساتهم، يتحركون إلى سبورة معلقة على أحد الجدران، ليفترشوا حصيرة، في انتظار قدوم معلمهم، لكن المختلف بهذا الدرس اليومي، أن صاحبته تملك من العمر 12 عاما فقط، فما القصة؟
ريم خيري، أو "الطفلة المعلمة" كما لقبها البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، تقوم بتدريس حوالي 20 طفلا من أبناء قريتها بمحافظة الدقهلية، شرق البلاد، في الفترات التي يتعطل بها العمل في المدارس، في ظل أزمة كورونا، بينما يتراوح أعمار التلاميذ بين 4 إلى 9 سنوات.
ويقول المصور المصري محمد نصر: "تحركت لتوثيق ذلك المشهد الجميل والمختلف، بناء على طلب من والدتي، التي رأت أن تجربة ريم تستحق التوثيق، وفور نشر الصور، لاقت تفاعلا كبيرا من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، لتتحول إلى (تريند)، وسط ردود فعل جمعت بين الإعجاب والتعجب".
وأوضح نصر لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه توقع أن يكون الأمر مجرد "لعبة" بين الأطفال في القرية، لكنه وجد تفاعلا قويا من طلاب ريم مع شرحها، مضيفا: "كأنني أمام معلمة حقيقية، تملك القدرة على الشرح وطرح الأسئلة دون خلل أو إهدار للوقت".
وأكد المصور المصري، أن الصور المنتشرة جزء كبير من نجاحها، يرجع إلى الروح الجميلة بين الأطفال، موضحا أنه حاول توثيق المشهد كما هو، دون أي تدخل منه.
واستشهد نصر بجعل ريم "ارتداء الكمامة" شرطا أساسيا لحضور دروسها، ليبرهن على شعورها بالمسؤولية تجاه تلاميذها، وأنها ليست مجرد طفلة تمرح في ظل ظروف استثنائية، وفق تعبيره.
وختم حديثه بالقول: "سعيد بأنني كنت سببا في معرفة الجمهور بقصة ريم، من أجل تلك القصص، صنعت الكاميرا، حتى لا تمر مرور الكرام علينا دون توثيق".
بطلة القصة
"كانت لعبة، وتحولت إلى حقيقة"، هكذا استهلت "الطفلة المعلمة" ريم خيري، حديثها مع موقع "سكاي نيوز عربية"، موضحة أن الأقدار هي السبب في خروج هذا المشهد الجميل.
وتحكي ريم، 12 عاما، أنها أثناء الموجة الأولى من "كوفيد-"19، كانت تحاول برفقة زملائها من أبناء قريتها، التغلب على الملل، خاصة مع توقف العمل داخل المدارس، واستبدالها بالدراسة عن بعد، ليقع اختيارهم على لعبة تمثيلية، يحصل فيها كل طفل على وظيفة يحاول أن يتقمصها، فاختارت ريم أن تكون "معلمة".
وبمرور الأيام، وتوالي فصول اللعبة، شعر الأطفال بارتياح إلى طريقة شرح ريم، لتتحول اللعبة إلى دروس حقيقية، تقدمها ريم بشكل يومي، وانتقلت ثقة التلاميذ في ريم إلى أسرهم، بعد التطور الملحوظ في أدائهم الدراسي، ليحثّ الآباء أبنائهم على الالتزام بدروس "المعلمة الصغيرة".
وأوضحت ريم أن تشجيع أهالي القرية كان دافعا قويا لها، لتستمر في تقديم دروس إلى أصدقائها بشكل مجاني، خلال السبعة أشهر الماضية وحتى الآن.
جدير بالذكر أن ريم طالبة بالصف الأول الإعدادي، ومع ذلك تقوم بالتدريس لطلاب من مختلف الصفوف الابتدائية.
وتقوم ريم بمذاكرة دروسها بعد حصصها اليومية، وتنشغل بقية اليوم بقراءة مناهج طلابها، لتتمكن من الشرح جيدا لهم.
وحول هذه النقطة توضح ريم: "عائلتي تساعدني على تقسيم وقتي، ولم يمنعني أحد منهم من تقديم الدروس، خوفا عليّ من إهمال دراستي، فهم فخورون بما أقدمه".
وتحلم ريم بأن تكون معلمة في المستقبل، لتتمكن من التدريس لعدد أكبر من الطلاب.