في سابقة فريدة من نوعها، بث أحد مساجد منطقة القبائل بالجزائر، أغاني أمازيغية للفنان القبائلي الراحل ليدير، عبر مكبرات صوت المئذنة، وذلك احتفالا برأس السنة الأمازيغية (عيد يناير).
وقد صنعت هذه الخطوة حالة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتسأل المعلقون عن الأسباب التي دفعت بإمام المسجد للقيام بهذه الخطوة، وما موقف السلطات الرسمية من ذلك.
ونشرت صفحة (بجاية سيتي) الفيديو دون تحديد مكان تواجد المسجد، وأرفقت الفيديو بنص باللغة الفرنسية جاء فيه:"يناير مكبرات المساجد تعزف موسيقى بمناسبة يناير".
وظهر في الفيديو مواطن من المنطقة يرجع أنها قرية آيت أوغلان، يعبر عن إعجابه بالخطوة وهو يتكلم باللغة الأمازيغية:"أسقاس أمقاز (عيد سعيد) إنه لشيء جميل أن يبث المسجد أغاني أمازيغية تراثية".
استجهان ورفض
من جهة ثانية، طغت لهجة الاستهجان على ردود فعل المغردين، واعتبروا ذلك نوعا من المساس بحرمة الدين، وتسأل أحد المعلقين:"هل يتعلق الأمر بالاستفزاز، حتى المستعمر لم يجرؤ على فعل ذلك؟".
وقال آخر في رده على صفحة (بجاية سيتي):"ينشرون للناس الغناء في المسجد؟ المسجد للصلاة وللعبادة وليس للغناء من يريد الغناء يذهب إلى مكان آخر، من المفروض أن تتم معاقبة من أمر بذلك".
وتعليقاً منه على هذه الحالة، قال المفتي الشيخ أبو عبد السلام الجزائري لـ"سكاي نيوز عربية:"إذاعة الأغاني مهما كان لونها عبر مكبرات الصوت المخصصة للآذان هو أمر مرفوض، ولا يجوز شرع".
وأوضح الشيخ:"عدا بث المدائح النبوية في المناسبات الدينية كليلة القدر أو عيد الأضحى والمولد النبوي فكل غناء بهذا الشكل أمر غير مقبول".
ويؤكد المفتي الشيخ أبو عبد السلام الجزائري أن ذلك السلوك مرفوض حتى ولو كان في الإطار الثقافي والاجتماعي، وأوضح أن مكان هذه الأغاني في مثل هذه المناسبات لا يمكن بأي حال من الأحوال يكون المسجد. وأرجع الشيخ هذا السلوك إلى ما أسماه :"غياب الأخلاق والقيم"، وقال: "كل واحد يتحمل مسؤوليته في النهاية".
من جهة ثانية، يرى الباحث الجزائري المتخصص في علم الفلسفة البروفيسور بوعرفة عبد القادر وبرفيسور أن عيد يناير لا يدخل في المحرمات الدينية وليس عبادة وإنما عادة.
ووفق هذا الطرح يرى بوعرفة الأمر من زاوية آخرى، وقال لـ"سكاي نيوز عربية":"لا يجب تضخيم الأمر ويناير مجرد عرف اجتماعي ولا يجب أن نعطي الفرصة لحراس النوايا".
مجرد موروث شعبي
وأكد بورعرفة أن سكان القبائل هم الأكثر تمسكا بالدين، وأن مثل هذه المظاهر ليست أكثر من موروث اجتماعي شعبي ولا يحمل شركا ولا يجب أن يجرم أو يفتى فيه بالنظر إلى طبيعة الأناشيد التي يتم بثها.
وتحتل ولاية تيزي وزو الصادرة الوطنية في عدد المساجد، حيث يتواجد بها أكثر من 860 مسجد وأكثر من 20 زواية والمئات من المدارس القرآنية والكثير من العلماء، وتليها ولاية بجاية التي بأكثر من 700 مسجد.
ولغاية كتابة هذه الأسطر لم يرد أي بيان من السلطات الرسمية الجزائرية، أو توضيح من وزارة الشؤون الدينية.