باتت الفنانة المصرية يسرا اللوزي حديث مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وذلك بعد تعرضها وابنتها دليلة التي تعاني من ضعف في السمع لواقعة تنمر من جانب أحد المغردين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكان رد الفنانة على المتنمر مثار احترام وتضامن كبيرين من جانب رواد مواقع التواصل، نظرا لأنها لقنته درسا في الأخلاق، بعد تأكيدها أن ظروف ابنتها جعلت منها إنسانة قوية وليست ضعيفة.
وقالت يسرا اللوزي لسكاي نيوز عربية إن "حياة العائلات التي لديها مريض بضعف السمع أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، صعبة ومكلفة جدا، لدرجة أنني فكرت في إنشاء مؤسسة لدعم ضعاف السمع، فمشكلة زراعة القوقعة أن تكاليفها مرتفعة جدا، كما أن الجهاز أيضا له عمر افتراضي، ولابدّ من تغييره بعد عدد معين من السنوات، فضلا عن صيانة دورية وقطع غيار يتم تغييرها كل عدة شهور، ويضاف لكل ذلك جلسات تخاطب في مراكز متخصصة تستمر لسنوات".
صعوبات وعقبات
وأوضحت اللوزي أن الأمر مكلف جدا ولذلك لا يمكن أن يعتمد على التبرعات الخيرية فقط، إذ لابدّ من تأسيس صحيح على مستوى المجتمع، يضمن الرعاية لهؤلاء حتى لا يضطروا لانتظار التبرعات لاستكمال جلسات علاجهم، لأنه في أي وقت يمكن أن يتوقف التبرع، فتنتهي مسيرة العلاج وتتدمر حياة المريض، هذا إلى جانب أن التبرعات ليست مضمونة أن تأتي في التوقيت الصحيح حسب حاجة المريض وأسرته.
وتابعت قائلة: "شاركت في حملات للتوعية بزراعة القواقع السمعية والتبرع لعمليات، ولكن الأزمة أننا نجمع أموال العملية وبعدها فإن المريض وأسرته يتعثرون في نفقات ومتطلبات ما بعد العملية من تخاطب وخلافه، فعملية زراعة القوقعة هي بداية المشوار فقط في علاج مريض ضعف السمع، ولذلك كنت أطلب من القائمين على الحملات التكفل بعدد قليل من العمليات مع ضمان المتابعة لهم بعد العمليات، لأن ذلك أفضل من التكفل بعدد أكبر وتركهم للظروف بعد العمليات".
وفيما يتعلق بالتكاليف الشهرية لعلاج ابنتها، أوضحت الفنانة: "تختلف المسألة حسب مركز التخاطب الذي تذهب له وأسعاره، وهل هو مستشفى جامعي أو حكومي أو مركز خاص، وكذلك توجد حضانات (رياض أطفال) مخصصة لزراعي القوقعة، وهي ليست كثيرة إذ يوجد 6 حضانات في القاهرة والإسكندرية ولا أعلم عددها بباقي المحافظات، كما أن أسعار قطع الغيار لتشغيل القوقعة مرتفعة، فسعر البطارية وحدها لا يقل عن 6 آلاف جنيه، في حين أن متوسط نفقات علاج الطفل ضعيف السمع بعد زراعة القوقعة، لا تقل سنويا عن 15 ألف جنيه وهذا الأمر قد يستمر لعشرات السنين، لان أرخص جلسات تخاطب علمت بها 800 جنيها".
عمل فني
وعن إمكانية تقديمها لعمل فني يناقش أزمة مرضى ضعاف السمع وأسرهم قالت اللوزي: "فكرت في هذا الأمر كثيرا ولكن لا أرغب في تقديم شيء يكون درسا في الخطابة، بل لابد من كتابة عمل بشكل واعي وفني محترف يلقي الضوء على هذه القضية المهمة ويوعي المجتمع بها، وأنا أفكر في تقديم فيلم عن هذه القضية منذ ثلاث سنوات ولكن لا أعلم من أين أبد. أتمنى عند تقديم مثل هذا الفيلم أن يكون ضمن طاقمه ممثلون لديهم مشكلة في السمع وعايشوا هذا التجربة ويستخدمون معينات سمعية للتعبير بصدق عن القضية".
وبالانتقال للحديث عن تأثير واقعة التنمر ضد طفلتها على نفسيتها، أوضحت اللوزي: "الواقع أقسى كثيرا من السوشيال ميديا، فنحن آباء الأطفال ضعاف السمع نعاني من مشاكل أكبر في المجتمع، وهي أن أهالي الأطفال الطبيعيين لا يحبون أن يلعبوا مع أطفالنا من ذوي الإعاقات المختلفة، ودائما يزرعوا القلق في نفوس أطفالهم نحو أطفالنا المرضى بدلا من تعليمهم دعم هؤلاء الأطفال ذوي الإعاقة".
وبعد حملة التضامن الكبيرة معها على مواقع التواصل وما إذا كان هذا يعبر عن زيادة في الوعي بشأن القضية بيّنت اللوزي: "هذا لن يظهر إلا حينما يتم ترجمته في تصرفات راقية على أرض الواقع، فأنا على كل مجموعات الأمهات اللاتي لديهن أطفال بإعاقات مختلفة، والمشكلة الكبرى لديهم ولنا هي التعليم بالنسبة لهؤلاء الأطفال".
واعتبرت أن المدارس المخصصة لهذه الفئة من المجتمع غير مجهزة للأطفال المعاقين الذين يحتاجون تجهيزات معينة ومدرسين بمواصفات خاصة، فأطفال ضعف السمع مثلا يحتاجون مدرس إشارة.
واسترسلت قائلة:" من الضروري أن يكون هناك تواصل مع الأسر التي لديها أطفال ذوي احتياجات خاصة، وإدارات متخصصة ومؤهلة داخل المدارس للتعامل مع هؤلاء الأطفال".
وعن الحل المثالي لأزمة تعليم الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، اقترحت اللوزي أن تكون هناك مدارس أو مراكز متخصصة تابعة لوزارة التعليم تؤهّل هؤلاء الأطفال فيما بعد للاندماج مع أقرانهم في مدارس عادية.
الملاحقة القضائية
وأشارت اللوزي التي تعرضت شخصيا قبل أقل من شهر للتنمر بعد ظهورها في مهرجان القاهرة السينمائي مع زيادة في الوزن نظرا لإنجابها طفلا مؤخرا إلى أن "هذه الوقائع تعبّر عن الواقع جدا ولكنها تظهر أكثر على السوشيال ميديا لأن كل شخص مستخبي وراء شاشة كمبيوتر، وعارف إن محدش هيعرف يجيبه أو صعب الوصول له عكس الشخص الموجود في الواقع".
عن رأيها بملاحقة المتنمرين قضائيا بالقول: "مش منطقي إن كل حد يشتمني هرفع عليه قضية، وده بيحصل كتير قوي، مع كل الناس، ولو فتحنا هذا الباب فالدولة لن تستطيع استيعاب هذا، ومهما عملنا اللي مترباش مش هيتربى، ومش هنعرف نربي حد عنده 30 ولا 40 سنة ومترباش فكل اللي نقدر نعمله هي التوعية اللي بنعملها دلوقتي على أساس إن الأجيال الجديدة تطلع محترمة أكتر من الأجيال الحالية التي تقوم بهذا التنمر".