على ناصية شارع الفداء بمدينة الدار البيضاء المغربية، يقف "سي محمد" كل يوم أمام عربته، لاستقبال زبنائه المواظبين على تناول حساء "الحلزون المطبوخ مع الأعشاب".
يقول محمد لـ"سكاي نيوز عربية": "أبدأ عملي منذ الساعة الرابعة زوالا، وأبيع كل الكمية التي يحتويها القدر، فالإقبال يزداد على تناول الحلزون خلال هذه الفترة من العام، إنه دواء فعال ضد نزلات البرد".
حساء الحلزون أو "الببوش" أو "غلالة" كما يصطلح عليه بالعامية المغربية، طبق شعبي شهير في المغرب، قد يبدو غير مألوف للبعض، إلا أنه يلقى إقبالا كبيرا بين المغاربة، يزداد بشكل أكبر خلال فصلي الخريف والشتاء، حيث تنتشر على نطاق واسع في الشوراع وبعض الأزقة، عربات مخصصة فقط لبيع هذا الحساء.
طبق شعبي مغربي
تقول سمية إحدى زبونات "سي محمد" المعروف بلقب "ولد عيشة"، وهي تحتسي مرق الحلزون أو "البلول" كما يطلق عليه المغاربة: "في طريق عودتي من العمل عبر هذا الشارع، تجدبني دائما رائحة الأعشاب والمنسمات التي تفوح من عربة "ولد عيشة"، وأجد نفسي أنتظر دوري أمام العربة، للحصول على الببوش مع البلول الساخن".
وأضافت: "إلى جانب مذاقه اللذيذ، حساء الحلزون يحتوي على فوائد صحية كثيرة"، تؤكد سمية، وتضيف: "إنه يحمي من نزلات البرد الحادة، بسبب احتوائه على فوائد غذائية مهمة خاصة إذ تم طهيه مع أعشاب طبيعية، تمنح للجسم طاقة ودفئا في ليالي البرد القارس".
يقاطع حمزة الحديث وهو ينتظر بدوره طلبيته أمام عربة "سي محمد" بجانب سمية قائلا "إنه يساعد على الإنجاب أيضا وله مفعول سحري، فهو يساهم في الرفع من نسبة الخصوبة لدى الرجال والنساء على حد سواء".
يضيف حمزة وهو يدفع ثمن "زلافة الببوش": "لدي صديقان رزقا بمولودهما الأول بعد خمس سنوات عن زواجهما، بفضل مرق الحلزون الساخن، والذي واظبا على شرب مرقه الساخن باستمرار. التوابل والأعشاب القوية التي يحضر بها تساهمان في تزويد الجسم بحرارة وطاقة طبيعية".
تحضير الحساء في البيت
بعيدا عن عربة محمد وبائعي حساء الحلزون في الشارع، فإن عددا من الأسر المغربية تفضل إعداد هذا الطبق في المنزل، والذي يتطلب مهارة وإتقان بداية من غسله ثم طهيه الذي قد يستغرق حوالي الساعتين.
سعيدة، (48 عاما)، ربة بيت، تفضل تحضير حساء الحلزون في منزلها، بدل شرائه جاهزا. تتحدث لـ"سكاء نيوز عربية" عن طريقة إعداده: "بعد اقتناء الببوش يجب أن يتم تركه "صائما" بمعنى أنه يوضع ليلة كاملة في إناء كبير به دقيق خشن، لكي يتناولها الحلزون ويستخرج جميع فضلاته، ثم بعد ذلك يغسل عدة مرات في الماء باستعمال الملح والخل".
وبعد غسله وتنظيفه يوضع الحلزون، حسب سعيدة، في قدر مع ماء ساخن، ويطهى فوق نار هادئة بعد إضافة أزيد من 13 عشر مكونا من بهارات وأعشاب منسمة مثل "الزعتر، قشور الرمان المجفف، ورق الغار، عرق السوس، فلفل حار يابس وإكليل الجبل".
وأوضحت أنه "بعد حوالي الساعتين من الطهي، يقدم الحلزون مع حسائه الساخن".
وتلفت سعيدة بدورها إلى أن "له فوائد صحية عديدة من ضمنها الحماية من نزلات البرد، والمساعدة على الإنجاب"، وفق الاعتقاد الشائع.
فوائد حساء الحلزون
عن فوائد الحلزون الذي يعتبر من الرخويات الغنية بالأملاح المعدنية والبروتينات تقول الطبيبة الأخصائية في التغذية فدوى بلوك، أن "الأملاح المعدنية التي يحتوي عليها الحلزون، تقي من جفاف الجسم وتساعد على امتصاص الماء بطريقة أفضل، كما أنه احتوائه على الكولاجين، يساعد على تجديد خلايا الجسم".
وللاستفادة من المنافع التي يمتلكها الحلزون، تؤكد الأخصائية في حديثها مع "سكاي نيوز عربية"، أنه يجب طهيه بطريقة صحية، وعدم تعريضه لدرجة حرارة مرتفعة جدا قد تفقده مميزاته وخصائصه الطبيعية".
وبخصوص الطريقة المغربية في إعداد حساء الحلزون مع الأعشاب، تشير الأخصائية في التغذية إلى أن الأعشاب تساعد على الاستفادة بدرجة أكبر من خصائص الحلزون على الصحة، من خلال تنشيط الدورة الدموية في الجسم.
أما عن قدرة هذا الحساء على الوقاية من نزلات البرد وزيادة الخصوبة، حسب ما يتداوله المغاربة، توضح الطبيبة: "عندما يتحسن عمل الدورة الدموية، فإن ذلك ينعكس إيجابا على الطاقة الجنسية والرفع من نسبة الخصوبة لدى الرجال بشكل خاص. كما أن تنشيط الدورة الدموية التي تحدثها الأعشاب المستعملة في إعداد حساء الحلزون، تساهم في الرفع من سخونة الجسم، وبالتالي التخلص من البرد وألم المفاصل، الناتج عن ركود الدم أو نقص في الدهنيات".
أسباب تمنع تناوله
تشدد الدكتورة على أنه بالرغم من المنافع الكثيرة لحساء الحلزون بالأعشاب، إلا أن استهلاكه بكميات كبيرة وغير مضبوطة، يتسبب في الرفع من ضغط الدم، مما يشكل خطرا على الأشخاص اللذين يعانون من ارتفاع في ضغط الدم، وكذلك الأشخاص اللذين يشكون من أمراض القلب.
كما أشارت الأخصائية في التغذية، إلى أن هذا الحساء الغني بالأعشاب، يمنع تناوله من قبل المرأة المرضع، حيث يمكن أن يسبب لها نزيفا حاد، كما لا ينصح تناوله من طرف المرأة الحامل، التي يمكن أن يدخلها في غيبوبة أو يسقط جنينها إن ارتفع ضغط دمها خاصة خلال الأشهر الاخيرة من الحمل.
وحذرت كذلك الأخصائية من خطر تناول الأطفال لهذا الحساء بكميات كبيرة، نظرا لاحتوائه على مكونات قوية، ونصحت باستهلاكه بكمبة محدودة، وعدم القيام بعد تناوله بمجهود بدني يمكن أن يعرض الجسم لأزمة صحية ناتجة عن مشاكل في الدورة الدموية.