لا تنسى الأجيال المتعاقبة منذ خمسينات القرن الماضي هذا الصوت، الذي ما إن خرج عبر ميكروفون الإذاعة المصرية، ألهب حماس الجماهير العربية، التي كانت تقاوم الاستعمار في بقاع شتى، لكن صوته أيضا التصق بذكرى النكسة، التي لا تزال آثارها ماثلة حتى اليوم.
الإذاعي الراحل أحمد سعيد، أيقونة الإذاعة المصرية، وأول من تولى منصب رئيس إذاعة "صوت العرب"، التي لعبت دورا كبيرا في ضد الاستعمار، رحل يوم الاثنين الرابع من يونيو، عشية ذكرى هزيمة عام 1967 التي أطلق عليها نكسة يونيو.
وعبر مسيرة عطاء امتدت نحو 70 عاما، شهدت حياة سعيد العديد من المحطات المهمة، حيث التحق للعمل بالإذاعة عام 1950 وشارك في العمل الفدائي في قناة السويس عام 1952، ونقل بثا مباشرا من منطقة القناة أثناء العمليات الفدائية ضد الإنجليز.
وعمل الراحل كمذيع رئيسي منذ انطلاق برنامج صوت العرب عبر إذاعة القاهرة، ثم مديرا لإذاعة صوت العرب عند تأسيسها من 1953 إلى 1967.
ولدوره الوطني طالبت بريطانيا برفع اسمه من قائمة الوفد المصري، الذي كان سيقابل مجلس العموم البريطاني في عام 1965 وذلك بعد توجيه الاتهام له بالتحريض على قتل الجنود البريطانيين في عدن.
وتدفق صوت سعيد عبر الأثير في فترة الكفاح ضد الاستعمار في دول الشمال الأفريقي، خاصة خلال الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، فقد كان صوته رمزا للكفاح العربي المشترك.
وللإذاعي الراحل إنجازات في المجال الإعلامي، حيث أدخل خلال فترة عمله بصوت العرب الكثير من التجديدات على أساليب الكتابة الإذاعية، والخرائط البرامجية، وأساليب العمل الإذاعي، وله في مكتبات الإذاعات العربية والإسلامية العديد من المؤلفات.
كما اشترك سعيد في وضع دراسات عدة متصلة بأجهزة الإعلام، واتجاهات الرأي العام في البلاد العربية، واختير لوضع دراسات متخصصة عن طبيعة المواد التلفزيونية، الواجب تقديمها للمشاهدين العرب ومسلمي القارة الهندية في القنوات الفضائية الموجهة إليهم.
وتعرض سعيد لظلم تاريخي عندما التصق اسمه بقراءة البيانات العسكرية، التي كانت تخالف الوقائع على أرض المعركة في نكسة يونيو عام 1967، وهو ما دفعه للاستقالة من منصبه.
وقال سعيد في عدد من الحوارات الصحفية إن أي مذيع لا يمكنه رفض نشر بيان رسمي والدولة في حالة حرب.
ورحل سعيد صاحب الإنجازات العديدة في المجال الإذاعي في الرابع من يونيو عام 2018، عشية ذكرى النكسة، في انتصار رمزي على الهزيمة التي طالما لاحقته.