يُعد يونيو الشهر العالمي للتوعية بمرض ألزهايمر وصحة الدماغ، وتستغل المنظمات الصحية العالمية هذه الفرصة لتوعية الناس حول أهمية المحافظة على صحة الدماغ، وسبل الوقاية من الأمراض التي تؤثر على المعارف والقدرات الذهنية والإدراكية، وأحدث ما توصلت إليه الأبحاث في مجال التشخيص المبكر لمرض الزهايمر وعلاجه.
وتُشير الإحصاءات العالمية، إلى إصابة حوالي 55 مليون شخص بمرض ألزهايمر أو أي نوع آخر من الخرف حول العالم، وفي الولايات المتحدة نحو 6.9 ملايين مصاب بداء الزهايمر في سن 65 فأكبر، ومنهم أكثر من 70 بالمئة في سن 75 عاما فأكبر، ويُتوقع بحلول عام 2050، أن يرتفع عدد الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر إلى أكثر من 130 مليون شخص في جميع أنحاء العالم.
ويُعرِف استشاري طب المخ والأعصاب، الدكتور جواد فضل، ألزهايمر بأنه اضطراب في الدماغ يتفاقم بمرور الوقت، حيث يصاب به البالغون عادة مع تقدم العمر، ويتسم بحدوث تغيرات في الدماغ تؤدي إلى ترسبات لبعض البروتينات، مضيفا: للأسف يُسبب المرض تقلصا في الدماغ وموت خلاياه في النهاية، ويعتبر هذا المرض السبب الأكثر شيوعًا للإصابة بالخَرَف؛ وهو تدهور تدريجي في الذاكرة والقدرة على التفكير والمهارات السلوكية والاجتماعية، حي ويمكن أن تؤثر هذه التغيرات في قدرة الشخص على أداء وظائفه".
مؤشرات المرض
ويُوضح الدكتور فضل خلال حديثه لسكاي نيوز عربية، أن المؤشرات المبكرة للمرض تشمل نسيان الأحداث أو المحادثات الأخيرة، حيث يُعتبر فقدان الذاكرة هو العرض الرئيسي لـألزهايمر، وبمرور الوقت يتطور المرض ليسبب مشكلات خطيرة في الذاكرة وفقدان القدرة على أداء المهام اليومية، في البداية، قد يكون الشخص المصاب بالمرض واعيًا بوجود صعوبة في تذكر الأشياء والتفكير بوضوح، ومع تدهور الأعراض من المحتمل جدًا أن يلاحظ أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء هذه المشكلات لأنها تبدو واضحة بشكل كبير، وفي المراحل المتقدمة يؤدي التدهور الشديد في وظائف الدماغ إلى الجفاف أو سوء التغذية أو العدوى، ويمكن أن تؤدي هذه المضاعفات إلى الوفاة. فيما يقوم الطبيب منذ البداية بإجراء فحوصات معينة مثل اختبارات الذاكرة أو تصوير الدماغ أو اختبارات الدم أو غيرها من الاختبارات المتخصصة للوصول إلى التشخيص.
أعراض رئيسية
ويُشير الدكتور جواد إلى أن التغيرات الدماغية المرتبطة بألزهايمر، تؤدي إلى تزايد المشكلات في الذاكرة، حيث أن فقدان الذاكرة المرتبط بداء ألزهايمر يستمر ويزداد سوءًا، ومع مرور الوقت، يؤثر فقدان الذاكرة في القدرة على أداء الوظائف في العمل أو في المنزل، فقد يفعل الأشخاص المصابون بألزهايمر بعض التصرفات التي تميزهم مثل الإكثار من تكرار نفس العبارات والأسئلة، ونسيان المحادثات أو المواعيد أو الأحداث، ووضع الأشياء في غير مكانها، وغالبًا ما يضعونها في أماكن غير منطقية، كالضياع في أماكن كانوا يعرفونها جيدًا، ونسيان أسماء أفراد العائلة والأشياء المستخدمة يوميًا في نهاية المطاف، ومواجهة صعوبة في العثور على الكلمات المناسبة لوصف الأشياء أو التعبير عن الأفكار أو المشاركة في المحادثات حيث يؤدي ألزهايمر إلى صعوبة في التركيز والتفكير، وخاصةً حين يتعلق الأمر بالمفاهيم المجردة مثل الأرقام، فيما يكون القيام بأكثر من مهمة واحدة في الوقت نفسه صعبًا على وجه الخصوص.
وقد تصعُب إدارة الشؤون المالية كدفع الفواتير في الوقت المناسب، حيث لا يتمكن المصاب من تمييز الأرقام والتعامل معها، وأيضاً تتدهور قدرة المريض على اتخاذ قرارات وأحكام معقولة في المواقف اليومية كأن يرتدي ملابس لا تتناسب مع أحوال الطقس، وقد يصبح من الصعب على الشخص التعامل مع المشكلات اليومية.
تغيرات سلوكية
ويُضيف الدكتور جواد : "يمكن لتغيرات الدماغ المصاحبة لألزهايمر التأثير في الحالة المزاجية والسلوك، فقد يصاب الشخض بالاكتئاب، وفقدان الاهتمام بالأنشطة، العزله الاجتماعية، التقلُّبات المزاجية، فقدان الثقة بالآخرين، الغضب أو السلوك العدواني، التغيرات في عادات النوم، الأوهام، مثل الاعتقاد أن شيئًا ما قد سُرِق، لكن بالرغم من التغيرات الكبيرة التي تطرأ على الذاكرة والمهارات، فإن المصابين يمكنهم الاحتفاظ ببعض المهارات حتى ولو تفاقمت الأعراض، وقد تشمل المهارات التي يحتفظ بها المريض عليها قراءة الكتب أو الاستماع إليها أو سرد القصص أو مشاركة الذكريات أو الغناء أو الاستماع إلى الموسيقى أو الرقص أو الرسم أو ممارسة الحِرف اليدوية".
أوميغا 3 للوقاية
ويضيف: لذا فإنه عند ملاحظة أي خلل في مهارات التفكير، يجب من العائلة أصطحاب المريض إلى الطبيب المتخصص للحصول على العلاج المناسب لإدارة الحالة والسيطرة عليها من التدهور، بالرغم أنه لا يوجد حتى الآن علاج يشفي من ألزهايمر لكن يتم إدارة أعراضه عبر الأدوية، حيث تُحسِّن الأدوية أعراض المرض مؤقتًا أو تبطئ تقدمه.
كما يمكن أن تساعد البرامج والخدمات على دعم الأشخاص المصابين بالمرض ومقدّمي الرعاية إليهم، ويتم اختيار العلاج المناسب لمرضى ألزهايمر من قبل الطبيب المختص بناءً على بعض العوامل، والتي تشمل عمر المريض، وصحته العامة، وتاريخه الطبي، ومرحلة مرض ألزهايمر ومدة شدته، ومدى فاعلية علاج محدد للمريض، ومناسبته لأسلوب الحياة الخاص به، وبحسب الأسلوب العلاجي المفضل للمريض، أو لأفراد عائلته، أو الأشخاص الذين يعتنون به، حيث يوجد أدوية لإدارة مشكلة النسيان والذاكرة وأخرى للتغيرات السلوكية وأخرى لإضطرابات النوم التي يسببها المرض إلى جانب العلاج غير الدوائي، فيما يعتبر تناول أحماض أوميغا 3 بإنتظام أحد عوامل الوقاية من ألزهايمر وذلك بحسب دراسات أجرتها أحد المراكز البحثية في إسبانيا.
ويلفت فضل إلى العديد من الأبحاث الجارية التي تركز على العلاجات الفعالة لمرض ألزهايمر، فيما تتوفر حاليًا أدوية يمكن أن تساعد قدراتهم العقلية وتركيزهم وتحسين أداء الأنشطة اليومية، كما تمت الموافقة على دواء جديد من قبل إدارة الغذاء والدواء (FDA) والذي يتم إعطاؤه بالتسريب الوريدي ويمكن أن يبطئ تطور مرض الزهايمر عن طريق إزالة المرض المسبب للبروتينات من الدماغ.